
يتطلب الموقف أن يفهم المسلمون جوهر رسالة الإسلام ومقاصد الآيات، حيث اختلطت المصطلحات منذ خمسة عشر قرنًا، بين الدين المبني على الروايات، وبين الخطاب الإلهي، الذي أنزله الله على رسوله في كتاب مبين.
فقد أدى الخطاب الديني وطغيان الروايات على الآيات، إلى هجر القرآن، وتفرقت السبل بالمسلمين، وتمزقوا فرقًا وجماعات، وأصبح لكل فرقة مرجعها الخاص، ونهج مستقل، أدى إلى تناقض المناهج وسبب التصادم والصراع الفكري والفقهي، ثم تحول إلى اقتتال بين المسلمين، وكلٌّ يدعي أنه هو الذي على الطريق المستقيم، وغيره كافر أو جاهل.
وهكذا تسبب الخطاب الديني إلى ظهور فرق الإرهاب، كما أدى أيضًا إلى الإلحاد، وعليه فإن المخرج الوحيد للمسلمين من هذه الهاوية، هو الرجوع للخطاب الإلهي المنزه عن الأهواء، وعن السياسة، حيث إن كله عدل ورحمة وسلام.
وقد حذّر الله عز وجل الناس من الوقوع في تلك الأزمة، بقوله سبحانه وتعالى:
(فَمَن اتَّبع هُدَاي فلا يضِلّ ولا يشقَى ومَن أَعْرضَ عنْ ذِكرِي فإنَّ لَه مَعِيشةً ضَنكًا ونَحشُره يومَ القيامةِ أعمَى قَال ربِّ لِمَ حَشَرتني أعمَى وقَد كُنتُ بَصِيرًا قَال كَذلك آتتكَ آيَاتنَا فنَسِيتها وكَذلك الْيَوْمَ تُنْسَى).. (طه: 123، 124)
ولأننا أعرضنا عن كتاب الله، وهجرنا القرآن فعاقبنا الله على عصياننا له بمعيشة الضنك في الحياة الدنيا، وهي ما يعيشه العرب المسلمون اليوم، كما أنه ينتظرهم، والعياذ بالله، في الآخرة عذاب عظيم.
فلا نكابر على الحق، ولنرجع إلى ما بلّغنا به رسوله الكريم، من أن نتبع آياته، حتى يغفر الله لنا ذنوبنا ويعيننا في الحياة الدنيا، على أعدائنا، وتتوحد صفوفنا، فذلك هو الطريق القويم، إن كنّا صادقين مع الله ومع أنفسنا.