الخطاب الإلهى

حديث القرآن عن الوعي

أستاذ شريعة إسلامية: الخطاب الإلهي حرص على إرشاد الناس للتفكير العقلي

هناك الكثير من الآيات التي وردت في القرآن الكريم تحض على الوعي، واستعمال العقل، والحث على الفهم والوعي..

قال تعالى: «كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ»(219: البقرة)، وفق ما جاء في حديث الدكتور أيمن أبو عمر، أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه الاسلامي.

وأكد أبو عمر في تصريح خاص لـ «التنوير» أن صناعة الوعي تتطلب بذل الكثير من الجهود لدي الدولة؛ للعمل على نشره من خلال مؤسساتها التعليمية والثقافية والإعلامية؛ بهدف الارتقاء بالأجيال الناشئة وحماية المجتمعات من المخاطر الخارجية.

تحدث الكثير من الآيات عن عوامل الفكر

وأوضح «أبو عمر» أن الله تعالى، حث البشر، في القرآن الكريم، على الوعي والإِدراك، وأثنى على أهله.

فقال عز وجل: «إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ» (الحاقة : 11 – 12).

وأضاف أن قوله تعالى: «وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»؛ أي: يعقلها أولو الألباب، ويعرفون المقصود منها ووجه الآية بها.

وأشار أبو عمر إلى أن القرآن الكريم أرشد إلى عوامل الفكر ودل عليها بقوله سبحانه وتعالى: «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (النحل : 78).

وأكد أن آيات الخالق سبحانه وتعالى تشير إلى أن الحواس هي الأداة التي خلقها الله لنا لنقوم بالعملية الفكرية ونتوصل إلى العلوم..

ولذلك وردت في الآية الكريمة «لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا»، وعقبها ذكرت بعض الحواس ذكراً يفيد العلة في العلم.

وتابع أن إشارة القرآن لعوامل الوعي والفكر ليست من قبيل الذكر العابر؛ بل لإرشادنا لطريقة التفكير العقلية، وإذا أضفنا إلى ذلك طريقة القرآن في النفي والإثبات، والاستدلال، والإقناع، والمحاججة، والبرهنة والتدليل، فإننا نجده يستعمل نفس الطريقة في الإشارة إلى القوانين التي تحكم سير الأشياء، وأنها من الخالق عز وجل.

كما قال تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ»، (البقرة: 258).

وأشار «أبو عمر» إلى إصرار القرآن على استعمال الطريقة العقلية في البحث عن العقائد، وفي الاستدلال عليها.

كما قال تعالى: «اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ» (الرعد : 2).

وقال تعالى: «وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (النحل : 68).

الوعي نعمة وهبها الله للإنسان

وقال تعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ» (القصص : 71).

وقال تعالى: َ«ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ» (الزمر : 21).

كما قال تعالى أيضًا: «وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ» (النحل : 20)

وقال سبحانه: «وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ» (التوبة : 81).

وأوضح «أبو عمر» أنه قد وردت الآيات الكثيرة في القرآن الكريم التي تحض على التفكير والوعي وتبرز أهميتهما للإنسان والمجتمعات.

وأشار إلى أنه يجب على بني آدم شكر الله على أكبر نعمة وهبها للإنسان، وهي نعمة التفكير..

ذلك أن استخدام الإنسان لحواسه هو الذي يوجد العلم ويجعل الإنسان يفكر وينتج، يحكم ويستنتج، يؤسس ويبني، يصحح ويصوب، يرتفي ويسمو، يميز ويختار..

ونجد نفس السياق في آية أخرى، وهي قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ» (المؤمنون : 78).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى