الخطاب الإلهى

حرية العقيدة في القرآن

الإسلام أقر التعايش بسلام مع غير المسلمين

لم يكن الإسلام يومًا ضد حرية العقيدة كما يروج بعض المسلمين لذلك بأفعالهم، وغيرهم من الملل والأفكار الأخرى بأقوالهم، ولم يُكره أحدًا على الدخول فيه، وإذا كانت هناك مرويات بكتب التراث تثبت غير ذلك، فإنها تكون خارجة عن نص القرآن وأسس الإسلام، ولا يُعتد بها، ويعود إثمها على أصحابها.

آيات القرآن الدالة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ) (البقرة: 256).

وقوله سبحانه تعالى مخاطبًا الرسول (صلى الله عليه وسلم): {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس: 99).

وقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} (الغاشية: 21، 22).

حتى في البلاد التي نشر المسلمون فيها الإسلام أقروا من فيها على عقائدهم وشعائرهم الدينية، وأوصوا برعايتهم والمحافظة على أموالهم.

التعايش الكريم:

وفي القرآن الكريم أيضًا ستجد أنه يحث المسلمين على التعايش الكريم والتسامح مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، طالما لم يعلنوا الحرب على المسلمين.

قال تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الممتحنة: 8، 9).

كذلك أمر القرآن المسلمين بالرفق عند دعوة المخالفين، فقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125).

وقال تعالى: {ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (العنكبوت: 46).

كما أشار القرآن إلى المهمة المكلف بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي تبليغ الدعوة، وليس ترهيب الناس وحملهم عنوة على الدخول في الإسلام.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا} (الإسراء: 54).

ثم، كيف يجبر الإسلام الناس على الدخول فيه بالقوة وهو يأمر أتباعه المسلمين بحماية الكافر أو المشارك إن طلب حمايتهم؟!

{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ} (التوبة: 6).

وكيف يتعامل باللين مع الكفار أو أهل الملل الأخرى إذا كان يجبرهم على الدخول فيه بالسيف؟! {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 64).

قد يدعي البعض أن ضمان الإسلام لحرية العقيدة مشروط بدفع الجزية، لكن ذلك يتعارض مع النصوص القرآنية، ولا يستقيم مع الأوامر والنواهي الواردة في آيات القرآن الكريم، فهي كما يتضح من سياقها، لا تشترط دفع الجزية، ولا إقامة حكم معين حتى تُطبق تحت مظلته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى