
يُعَد الإسلام أول من أرسى حقوق الإنسان وحدَّدها تحديدًا جامعًا ومانعًا ووضع الضمانات الكفيلة باحترامها وحمايتها، وكان من أبرزها الحق في الحياة.
وفي هذا الإطار، ذكَر كِتَاب «حقوق غير المسلمين في المنظور الإسلامي» الصادر عن مَجمع البُحوث الإسلامية، أنَّ الإسلام قدَّس حقوق الإنسان وعدَّها من الضرورات والواجبات.
وتضمنت تلك الواجبات؛ المأكل والمَلبس والمَسكن والأمْن وحُرية الفِكر والاعتقاد والتعبير والتعليم والمُشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع والمُراقبة والمُحاسبة لأولياء الأمور.
وأكدَّ أنَّه ليس الهدف من وراء إبراز ذلك الاستعلاء على الأُمم والحضارات الأُخرى وإنَّما إنصاف الإسلام من المُغالين قبل إنصافه من أعدائه الذين يتربصون به.
وأوضح أنَّ كثيرًا من الناس أعطوا لأنفسهم وصايا مُزيفة على ضمير البَشَر فقادوا الإنسانية إلى ضُروب من المظالِم والتوحُش التي لا تُحمَد عُقباها.
الشريعة الإسلامية قائمة على العدْل والرحمة ومصلحة الإنسان، كما أشار حيث مقصودها وغايتها هي الحِفاظ على الإنسان من خلال ما يُعرَف بالضرورات الخمْس «الدين والنفْس والعقل والعِرض والمال».
ولفت إلى أنَّ الشريعة تمنع أي إعتداء على هذه الحقوق، ما يتضح سُموها في نظرتها إلى الإنسان واحترامها له سواءً كان مسلمًا أو غيره.
الإسلام كفَل حق الحياة
كفَل الإسلام حق الحياة باعتباره أغلى الحقوق، فأوجب حفظها وتوفير أسبابها للإنسان، حيث تحدَث القرآن عن الحياة في 80 آية في حين ذكَر القتْل والقِتال في عدد أقل من ذلك بكثير فقد جعَل قتْل نفْس واحدة بغير حق بمنزلة قتْل الناس جميعًا.
قال تعالى «مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ» (المائدة: 32).
وذكَّر أنَّ الله حرَّم قتْل النفْس إلَّا بالحق حيث قال تعالى “وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا” (الإسراء:33).
الحق في الحياة من أساسيات الإسلام
وأكد أنَّ الخطاب في الآيتين نهى عن قتْل النفْس على إطلاقها سواءً كانت مُسْلمة أم تَدين بديانة أُخرى.
جاء حِفْظ النفْس وصَون الحق في الحياة في الرُتبة الثانية بعد حفْظ الدين لما لنفْس الإنسان من حُرمة وعِصمة ولذلك شرَّع الإسلام كل ما من شأنه حفظها من التلَف.
وكذلك حرَّم كل ما من شأنه إهلاكها، فقد منَع الإعتداء على النفْس البشرية التي كرّمها الله بأي صورة من الصور.
وأقرَّت الشريعة مبدأ إعطاء الأمان للمُسلم وغيره وبذلك العهد تَحفَظ حياة من حَصَل على الأمان.
وقال: لعِظَم جريمة الإعتداء على النفْس شرَّع الإسلام جُملة أحكام تؤكد مقاصِد الشريعة في حِفظ الدماء، فإلى جانب تحريمِها وجعلِها من الكبائر أوجبَ على من لم يُقتَص منه مع كَون القتْل وقَع من خطأ دِيَة وكَفَّارة.
قال تعالى «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا» (النساء/ 92).
وأكدَّ أنَّ استحلال الغُلاة لدماء المسلمين وغيرهم تحتَ إدعاءاتهم الباطلة هو قتْل للنفْس بغيرِ حق.
جدير بالذكر ان كِتَاب «حقوق غير المسلمين في المنظور الإسلامي» من إعداد اللجنة العلمية في مَجمَع البُحوث الإسلامية تحت إشراف الدكتور (محيي الدين عفيفي)، امين عام المَجمَع.