
- مصر القلب العربي النابض - 28 سبتمبر، 2023
- مصر في مواجهة الإرهاب - 27 سبتمبر، 2023
- الصراع الأبدي بين الخير والشر - 25 سبتمبر، 2023
في الخطاب الديني
في شرح كتاب أبي شجاع في كتابِ الحدودِ فِعْل تارك الصّلاةِ على ضَربين: أحدهُما: (أنْ يتركَها غيرَ مُتعمّدٍ لوجوبها، وحُكمُهُ حُكم المرتد، والثّاني: أن يَتركَها كَسَلًا معتقدًا لِوجوبِها، فيُستَتَابُ فإنْ تابَ وصلّى وإلّا قُتلَ حَدًّا، وكان حُكمهُ حكمَ المسلمين. (مقتبس عن كتاب مثنى التقريب المشهور بمثنى أبي شجاعٍ في الفِقهِ على مذهب الإمامِ الشَافعي).
في الخطاب الإلهي
قالَ تعالى ﴿يَا أَيَّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنَ يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (المائدة: 54). الآية المذكورة أعلاه تحدد بكل الوضوح شرع الله لعباده فيما يتعلق بالعبادات وهو الوحيد سبحانه الذي سيحاسب الناس على عقائدهم ولم يمنح رسولا أو نبيا أو قاضيا يقضي في شئون اختص الله بها لنفسه، فكيف تستوي شريعة وأحكام أبي شجاع مع شريعةِ اللهِ إن كُنا مؤمنينَ بكتابهِ الكريم، فعلينا أنْ لا نقيمَ وزنًا لكلِّ حكمٍ يتناقضُ مع القرآن ونعتبرهُ عدوانًا صارخًا على شرع الله يشوهُ سماحةَ الإسلام وحريةَ الإنسان في اختيارِ عقيدتِهِ، أمّا فيما يتعلّق بتاركِ الصَّلَاةِ وقتلهِ حَدًّا فإنَّ هَذا القَولَ لا يتفقُ مع قولهِ تعالى ﴿وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُم جَميعًا أفَأنتَ تُكرِهُ النّاسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنينَ﴾ (يونس: 99).
ملاحظة وتعقيب:
مِنْ أين أتى أبو شجاعٍ بهذا التّشريع، وكيفَ بَنَى عليهِ أَحكامًا لم يشرعْها اللهُ في كتابِهِ الكريمِ، وهو يعلمُ بأنّ اللهَ احتفظَ بحقّهِ في التشريعِ لِخَلقِهِ، مبنيًا على حريةِ الاعتقادِ المطلق، ومبنيًا على العَدل ومؤسّسا على أنَّ الحسابَ فيما يتعلّقُ بالعبادةِ هُوَ أمرٌ اختصَّ اللهُ به يومَ القيامة ولم يعطِ حقا لجميع الرسل والأنبياء أن يكونوا وكلاء عنه على خلقه في عقائدهم وعباداتهم، فذلك شأنه تأكيدا لقوله تعالى (ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل) (الأنعام: 10)، وكيف صدق المتصدون للوعظ الديني والإرشاد من شيوخ الإسلام وعلمائه وكيف غفلوا عن شرع الله بشأن عقائد الناس في آياته وما اختص الله به وحده في محاسبة عباده على عقائدهم وأعمالهم يوم القيامة.
وحكمُ المرتدّ يَعني الحكمَ عليه بالموتِ ولمْ يُعطِ اللهُ لبشرٍ مِنْ خَلقِهِ حقَّ إصدارِ أحكام الموتِ والقتلِ على تارك الصلاة ومانع الزكاة أو العاصي لتكاليف العبادات، وليس من حق الإنسان أن يتهم العصاة بالمرتدِّين أو مَنْ بَدّلَ دِينهُ حكمه القتل، فذلكَ حُكمٌ يختص سُبحانَهُ بمحاسبةِ عِبادِهِ والحكمِ عليهمْ بما يقتضيهِ أمره. تأكيدا لقوله تعالى (وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) (الرعد: 40).