حكمة الزكاة في الخطاب الإلهي
الإسلام أقرَّ الصدقات لِنشْر السلام والمحبة والحِفاظ على أمن الأوطان

الزكاة ركنٌ من أركان الإسلام، لأهميتها في نشْر السلام والمحبة بين الناس، وما يترب علي ذلك منْ إستقرار الأوطان وعلاج المُشكلات والأزمات الإجتماعية.
وكما يقول المفكر العربي الكبير” علي محمد الشرفاء الحمادي”، فإن الزكاة هي «صِمَام أمان الأوطان» حيثُ شرَّعها اللهُ في كتابِه العزيز لِتكون مِنطقة إلتقاء بينَ الأغنياء والفُقراء.
وقال «محمد علي الشرفاء الحمادى» في كتابِه «الزكاة.. صدقة وقرض حسن» أنَّ الزكاة تُعد عقد شراكة بينَ الفقير والغني، فيه يُعطي منْ منَحَهُ اللهُ المال لِمنْ هو في أشدَّ الحاجة إليه.
وأشار إلى أنَّ هذا المال هو مالُ الله، وقد جَعَل اللهُ الأغنياء وسائِط ووسائِل لتوصِيلِه لمُستَحقِيه، كما في قوله تعالي: «…وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ…» (النور :33)وقوله تعالى «وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ…» ( الحديد:7) .
الخطاب الإلهي جعَلَ الزكاة طَوق نجاة مِنَ الفقْر
ولفتَ المفكر الكبير “علي محمد الشرفاء الحمادى ” إلى أنَّ الزكاة في( الخطاب الإلهي )مِنْ هذا المدخل تكون طوَقًا للنجاة مِنَ الفقْر، حين يُعطي مَنْ معه لِمنْ ليس عِنَده ما تقوم به حياتُه وتَستَقر.
وقال: حين تكون الزكاة هي القاعدة الصلبة لِقيام المُجتمع القويّ المُتعافي مِنْ أمراض الحِقد والتحاسُد والضغِينة، فتَسُوده روح التكافُل والتعاضُد والتلاحُم بينَ أفراده.
وأضاف: لم تكُن الزكاة خِصيصة أو حَصْرية لرسالة الإسلام فَحسْب، بل كانت فرِيضة رئيسية أيضًا فِيما قبل رسالة الإسلام، كَونِها الضمَانة الهامة والمِحوَرية في بقاء الأُمم سالِمة آمنة مُتعافية من داء الفقر والعَوز والضعف.
وتابع: أشارت الآيات في شأن أبي الأنبياء إبراهيم( عليه السلام) «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ» (الأنبياء : 73).
الزكاة المدخل الآمِن للحِفاظ على الأوطان
وأشار إلى أنَّ (الخطاب الإلهي )في القرآن أضاف بُعدًا هامًا ومُلمحًا رئيسيًا في مقاصِد الزكاة عند المسلمين، إذ جَعَل مِنَ الزكاة المدخل الآمِن للحِفاظ على الأوطان.
وأوضح أنَّ ذلك يتحقق حينَ يؤديها المُسلمون على وجهِها الصحيح لا المَغلُوط المُشوَّه المُغرِض، ما يؤدي إلى نُهوض المُجتمعات واختفاء ظاهرتي الفقر والحِرمان.
وذكَّر: من سُوء طالِعنا وما أُبتُلِينا به من فقه وفُقهاء صرَفوا الأُمة عنْ وجهتِها في هذا الصَّدد، حينَ جعلوا نِصَاب الزكاة على النحو الذي فيه الزكاة كفريضة لا تقوم بما أراده اللهُ لها أنْ تقوم به في إشاعَة روح التكافُل الإجتماعي.
وأشار إلى أنَّهم قرَّروا نسبة للزكاة 2.5% وجَعَلوها مُقدسة لا مِساس بها، وهي في الأصل نسبة غَير صحيحة ولا هي عادلة، بْل وليسَت تلك النسبة بالتي تُؤدي الغرَض المرجو من تلك الفريضة الإلهية.
ولفتَ إلى أنَّ الزكاة ليستْ قضية معايير ونِسَب ماليَّة أو كميات عينية، وإنَّما الزكاة جعلها اللهُ فرضًا على كل مسلم لِتحقيق الأمن الإجتماعي والإكتفاء الذاتي داخل المجتمعات لِسد الفجوة بين الفُقراء والأغنياء.
وأوضح أنَّه يترتب على ذلك قيام مُجتمع مُسالم لا جائع فيه ولا سائل ولا مريض لا يجد الدواء.
وأكد أنَّها لِتزكية مال الغني المُقتدر وتُطهره، فيُبارك اللهُ له فيه ويُضاعف له ما أنفق من صافي أرباحه ومكاسبه حسَب النِسبة المُقررة في التشريع الإلهي وهي 20%.
ولفتَ إلى أنَّ ذلك تمشيًّا مع قوله تعالى: «وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ…» (الانفال 41).
أوضح أنَّ تلك النسبة التي قررها التشريع الإلهي يتم إستقطاعها وإنفاقها لِصالح الزكاة/ الصدَقة، تمشِّيًّا مع قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ» ( البقرة :267 )