الخطاب الإلهى

حماية الفقراء في الخطاب الإلهي

رسالة سماوية وأهداف وقائية وراء فريضة الزكاة

لا ينحصر هدف الزكاة في صلاح المجتمعات وإعمارها فحسب، بل يتجاوز هدفها لِما هو أبعد من ذلك، من أهداف عُليا مثل تربية النفس وتزكية القلوب والإرتقاء بالعلاقات الإنسانية بين المسلمين.

ويرى العلماء أن آثار الزكاة وقائية وعلاجية للجوانب الروحية لما قد ينتاب الإنسان من الانزلاق في دَرَك المادية القاتلة والأنانية وحب الذات.

وبعيدًا عن كونها فريضة سماوية، تظل الزكاة الفريضة الوحيدة التي تضمن رعاية الفقراء، وحماية الأيتام من خطر التسول والتشرد.

الغُلوّ في حُب المال يجلب التعاسة

يقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي في كتابه «الزكاة صدقة وقرض حسن» الصادر عن مؤسسة «رسالة السلام للتنوير والأبحاث»، إنَّه قد يرتد الإنسان إلى أسفل سافلين فينسى دوره ويضيّع أمانته ويكون أول عوامل الانحطاط هو الغُلوّ في حُب المال.

وأضاف: ذلك الحب الفطري المعقول الذي يعتبر من نِعم الله على الإنسان حتى تَعمُر الأرض، قال سبحانه وتعالى: «وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ» (العاديات: 8).

الغُلوّ يدفع الإنسان إلى الاكتساب وعدم الإنفاق على المحرومين، كما أكد، حيث إنَّه بهذا يتحول من إنسان سويّ مُتَّزن منسجم مع فِطرة الاعتدال إلى شخص مادي لا يستشعر آلام المحرومين والفقراء.

ورأى أنَّه إذا ما حلَّ المال محل العطاء والإنفاق يكون المرء قد ارتهن نفسه للتعاسة والشقاء، بعدما أظلم قلبه وغادرته الرحمة والعطف على الآخرين.

وأكد أن ذلك حال من جمع المال واعتبره هدفًا بحد ذاته، وحينما يصل الإنسان لهذه الدرجة يكون على موعد مع استحقاق الله له.

في ذلك قال الله تعالى:

«وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ  (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ   (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ   (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ   (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ   (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ   (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ   (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ   (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ  (9)» (الهمزة: 1-9).

الزكاة تزكِّي النفوس وتطهرها

تأتي فريضة الزكاة كمُخلِّص للإنسان من جُموحه صَوب حُب المال وطَلَب الاستحواذ عليه بكل السُبل والوسائل، سواء كانت في الحلال أم في الحرام، كما أوضح «علي محمد الشرفاء الحمادي».

تأتي هنا الزكاة تزكية للنفوس وتطهيرًا لها كما في قوله تعالى « خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (التوبة: 103).

يحدث ذلك حين تكون الزكاة كما الجسر الذي يعبر بالمسلم من دَنَس عبودية المال وكَنزِه إلى العطاء والبذل.

وأشار إلى أنَّه بعد ذلك تأتي مرحلة تطهير النفس كي لا يكون المال هو كل همُّه وفي لُب فؤاده.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى