عواقب الإهمال في تربية الأبناء
القرآن يَحُض الآباء على الإلتزام بالقيم الأخلاقية في تنشئة الأطفال

الأبناء هم ثمرة الحياة الدنيا التي يتمناها كل إنسان على وجه الأرض، وصفهم الله تعالى بقوله: “الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ……….. ” (الكهف :46)
وقد أمرنا القرآن الكريم بحماية أبنائنا وتربيتهم التربية السليمة كما رسمها القرآن الكريم باعتبارهم سواعد الأمة وقادة المستقبل.
والمتأمل في الخطاب الإلهي يكتشف اهتمام القرآن الكريم بتربية الأبناء على القيم والأخلاق والهدي النبوي الصحيح.
تربية الأبناء كما بينها القرآن الكريم
يقول فضيلة الشيخ “مصطفى العطفي” وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، إن الأبناء أمانة ومسئولية، وقد وصفهم الله وصفاً بليغاً في القرآن الكريم فقال في شأنهم: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً» (الفرقان: 74).
كما رفع القرآن الكريم مقام الآباء الذين يصونون هذه الأمانة في الآخرة فقال تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ» (الطور:21).
وأضاف: “إن إهمال الطفل وعدم تربيته تربيةً صالحةً لها أثر سيئ على سلوكه، حيث أن الطفل الذي لم يتلق تربية صالحة فإنه في الغالب ينشأ في المحرمات وتظهر عليه كل الصفات الذميمة ومنها أنه يعق والديه ويقطع الأرحام “.
كما أن الإهمال في التربية قد يؤدي إلى النار وقد حذر الله تعالى من ذلك فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ». (التحريم:6)
الخطاب الإلهي يدعونا إلى حسن تربية الأبناء
ويضيف “العطفي” : لا شك أن القرآن ترك للإنسان حرية اختيار دينه وعقيدته، فقال تعالى: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ…» (الكهف : 29)
إلا أنه حث الآباء على حسن تربية الأبناء وأمرهم بالاقتداء بالأنبياء والصالحين في تربية أولادهم.
وقص علينا القرآن الكريم بعضاً من سير الأنبياء والصالحين في تربية أولادهم ، مثل إبراهيم وإسماعيل ويعقوب ولقمان (عليهم السلام ) وغيرهم.
فقال تعالى في شأن تربية سيدنا إبراهيم (عليه السلام )لأولاده: «رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ» (الصافات: 100).
ويبين القرآن الكريم نتيجة التربية السليمة فى حوار سيدنا إبراهيم وإبنه إسماعيل (عليهما السلام) حيث قال تعالى: «فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» (الصافات: 102).
وعندما تحدث القرآن عن تربية سيدنا إسماعيل (عليه السلام )لأهله وأولاده قال تعالى: «وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة» (مريم:55).
وأما يعقوب( عليه السلام )فيتعهد أولاده في الرمق الأخير فى قوله تعالى : «أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ».(البقرة: 133).
و لقمان (عليه السلام )فكان دائم الوصية لابنه فى قوله تعالى : «وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» (لقمان: 13) وقوله : «يا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» (لقمان: 16).
كما يغرس القرآن الكريم الصفات الحميدة في الأبناء فيقول تعالى: «وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ» (لقمان: 18).
ويقول: «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير» (لقمان:19).