
العُنف والإرهاب من القضايا الشائكة التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء في مصر والوطن العربي والإسلامي.
والمتأمل في الخطاب الإلهي، يجد أنَّ القرآن الكريم حدَّد خارطة لمواجهة أعداء الإنسانية من أرباب العُنف الذين يستبيحون الدماء والأعراض والأموال بروايات مُلفقة منسوبة زُورًا وبُهتانًا للرسول (صلي الله عليه وسلم).
حدود قرآنية ضد كل من يحاول ترويع البشرية
في سورة المائدة نجد دستورًا لرَدْع هؤلاء الإرهابيين، وجَعْله حكمًا وحدًا ربانيًا ضد كل من تُسوِل له نفسه ترويع البشرية.
يقول تعالى: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ». (المائدة: 43-44).
وحتى لا يطعن طاعن في القرآن الكريم بزعمٍ باطل وفهمٍ خاطئ، أنَّه يدعو للعُنف والإرهاب، لابُد من توضيح المعنى الحقيقي للآية.
حيث أنها تنَزَّلت بهذا الحُكم الربَّاني لحماية الإنسانية وليس المسلمين وحدهم، لأن جميع آيات القرآن الكريم تدعو إلى الرحمة والتسامُح، وقد تكرر إسم «الرحيم» في القرآن 115 مرة.
كما تكرر إسم «الغفور» 91 مرة, وهو ما يؤكد أنَّ رسالة القرآن الكريم هي الرحمة والتراحُم بين الناس، والتسامُح والغفران بين المختلفين.
وفي المُقابل نجد كلمة «مُنتقم» لم تتكرر سوى ثلاث مرات فقط في القرآن كله.
كلمة «العُنف» لم تُذكَّر في القرآن الكريم مُطلقاً
وإذا دققنا النظر جيدًا في آيات القرآن نكتشف أنَّ كلمة «العُنف» لم تُذكَّر ولا مرة واحدة في الآيات الشريفة.
أما كلمة «إرهاب» فلم تُذكَّر ولا مرة باللفظ الصريح، ولكنَّها ذُكِرَت بصيغة أُخرى في آية واحدة، بهدف الدفاع عنْ النفس.
يقول الله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ». (التوبة:60).
ويؤكد العلماء أنَّ الآية جاءت باللفظ الصريح «ترهبون» لتَحُث المسلمين على مواجهة الأعداء والدفاع عن دينهم، وهو ما يُطلَق عليه «جهاد الدَّفع».
وإذا تأملنا آيات الجهاد الواردة في القرآن نجد أنَّها في مُعظمها تدعو للدفاع عنْ النَفْس, وهذا حق طبيعي من حقوق الإنسان.