الخطاب الإلهى

الانقلاب على الكتاب (3-4)

ولقد تَرَتَبَ على ما سَبقَ؛ دِماءٌ سالتْ، ونساءٌ تَرملتْ، وأطفالٌ تَيتمتْ

المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
Latest posts by المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي (see all)

كما توالت الأحداثُ الداميةُ في زمنِ الخلافةِ العثمانيّةِ، حيثُ استمر مسلسلُ قتلِ المسلمينَ بأيدي مُسلمينَ ومنها:

1 – السلطانُ مرادُ الأول بن أورخان غازي تولّى الحكم 1359م قَتلَ ابنه ساوجي.

2 – السلطانُ بايزيد الأوّل بن مراد الأول تولّى الحكم 1389م قَتْلَ أخاه يعقوب خنقًا ليمنعه من القيام بانقلابٍ عليه. كما أصدرَ فتوى شرعية، أحلَّ فيها قتلُ السلطانِ لشقيقهِ من أجلِ وحدةِ الدولةِ ومصالِحها العليا.

3 – السلطانُ محمّد الأول بن بايزيد الأول تولّى الحكم 1402م قَتَل إخوتَه سليمان وموسى وعيسى.

4- السلطانُ مرادُ الثاني بن محمّد الأول تولّى الحكم 1421م قتلَ أخاه مصطفى.

5 – السلطانُ مرادُ الثالثُ بن سليمٍ الثاني تَولّى الحكم م1451 وقامَ بقتلِ أشقائه الخمسةِ فورَ تنصيبهِ سلطانًا خلفًا لأبيه.

6 – السلطانُ محمّد الثالث بن مرادٍ الثالث تولّى الحكم 1595م ولمْ يكنْ أقل إجرامًا فقتلَ أشقاءَه التسعةَ عَشَر، فور تسلّمهِ السّلطة، وقبلَ دفنِ أبيهِ ليصبحَ صاحبَ الرّقمِ القياسى في هذا المجَال، بغيةَ تثبيتِ حُكمهِ. ولم يكتفِ بذلك فقامَ بقتْل ولدِه الصغيرِ محمود الَّذِي كانَ يبلغُ من العمرِ 16 عامًا، كي تبقى السّلطةُ لولده البالغ من العمر 14 عامًا وهو السلطان أحمد، أما عن الجانبِ الإعلاميّ فإن كتبَ التاريخ وأصحابَ الرواياتِ يقولون إن هذا السلطانَ كانَ صاحبَ إيمانٍ إسلامي كبير! فكيفَ بصاحبِ الإيمان الكبير ارتكاب هكذا جَرائمَ، ما يندى لها الجبينُ وتتعارضُ مع شرعِ اللهِ بتحريمِ قَتْلِ النفسِ دونَ ذنبٍ.

7 – أرسلَ السلطانُ سليم طلبًا إلى طومان باي بالتبعية للدولة العثمانّيةِ مقابلَ إبقائهِ حاكمًا لمِصْر، لكنّهُ رفضَ العرضَ ولم يستسلمْ للتهديدِ فنظّم الصفوفَ وحفر الخنادقَ وشاركَهُ الأهالي في المقاومةِ الّتي انكسرتْ، فهرب لاجئًا إلى صديقِه الشيخ حُسين بن مرعي الّذي بدورهِ وشى بهِ، فَقُتل وهكذا أصبحتْ مصر ولاية عثمانيةً ثمّ قتل السلطان سليم بعدَها شقيقَيه لِرفْضِهمِا أسلوبَ العنفِ الَّذِي انتَهَجه في حكمِهِ.

وفي كلّ ما سَبَقَ فإنّ:

  • ) القَاتلينَ والمقتولينَ كانوا يريدونَ خلافةً إسلاميةً ويتقاتلون على السلطة.
  • ) القَاتلينَ والمقتولينَ يردّدونَ: اللهُ أكبرُ.

هذا هو تاريخُ الـمسلمينَ الَّذِي أنبأنا الَلهُ عَنه في كتابهِ الكرَيمِ ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإِن مَّاتَ أوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّـهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ﴾ (آل عمران 144).

ومن أصدقُ حديثًا من قولِ اللهِ في كتابهِ الكريمِ بأنَّ المسلمينَ سوفَ ينقلبونَ على أعقابِهم بعد وفاةِ الرسولِ صلّى الله عليه وسلّم.

ولقد تَرَتَبَ على ما سَبقَ؛ دِماءٌ سالتْ، ونساءٌ تَرملتْ، وأطفالٌ تَيتمتْ، وأعدادٌ غفيرةٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ قُتلوا. ونَخرَ التفرقُ والتشرذمُ عظامَ الأمّةِ جَهارًا فأصبحَ الانشقاقُ عن الجماعةِ مفخرةً واستكبارًا، فتولدت لديهم حميّةُ الجاهلية وأخذتهم العزة بالإثم، فظهرَ إثرَ ذلك في القرونِ الأولى للعصور الإسلاميةِ العديدُ منَ الطوائفِ والمذاهبِ والفِرَقِ وكلُّها نُسبتْ لأسماءِ أشخاصٍ أو لفقهاء برزوا فيها أو لتجمعاتٍ أو لتنظيماتٍ انضمّوا إليها فعُرفوا بها ومنْها وأفرزت مذاهب شتى لتوظيفها في السياسة وخدمة للمصالح الدنيوية.

وتأكيدًا لذلك فقد نشأت بعد وفاة الرسول مذاهب دينية كثيرة كل له منهجه ومرجعيته.

وانقسم أهل السنة إلى مذاهب أربعة رئيسية، قبل أن تنشأ في عصرنا الحاضر فِرق مستحدَثة.

ولم يرد نصُّ قرآنيُّ باتباعهم أو الاحتكام إلى فتواهم إنما ورد في القرآن الكريم قوله تعالى وأمره للمسلمين (اتبعوا ما أنزل إليكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلًا ما تذكرون) (الأعراف 3)، والمسلمون ليسوا ملزمين باتباع أيٍّ منهم أو الانتماء إلى أحدهم، حتى لا يتحوّل المسلمونَ إلى فرق مختلفة متنازعة ومتصارعة بينما الله أمرنا باتباع قرآنهِ، وما جاء به من تشريعات وما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترجمة التشريعات والفضائل والأخلاق على أرض الواقع قولًا وعملًا وهو إمام المسلمين الأوحد، وأن نتبع سُنّته الفعلية ونقتدي بأفعاله ونتبعه في الشعائر العبادية. وعلى دعاة الإسلام ومفكريهم اتخاذ القرآن الكريم المصدر الوحيد للرسالة الإسلامية فقط وإعداد تشريع موحد مؤسس على الشريعة الإلهية التي جاء بها القرآن الكريم والفضائل والأخلاق الكريمة للارتقاء بأسلوب التعامل الإنسانى فيما بينهم وبين غيرهم بالرحمة والحكمة والعدل والإحسان.

 

المصدر:

«المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، للباحث والمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى