«رسالة الإسلام» في اليوبيل الذهبي
- أحلام البسطاء على موائد رمضان - 7 مارس، 2023
- الخطاب الإلهي يحقق المدينة الفاضلة - 18 أبريل، 2022
- طالبان… الوجه الدموي للخطاب الديني - 16 أغسطس، 2021
يحلو للبعض ترديد المثل الشائع: «أُمة اقرأ لا تقرأ».. وسواء أطلقت هذه المقولة على سبيل التهكم والسخرية أو أن لها ظلًا من الواقع، إلا أن ما لاحظته بمعرض القاهرة للكتاب في يوبيله الذهبي، جعلني أعيد النظر إلى هذه المقولة بعين الشك والريبة.
ذلك أن معرض هذا العام شهد إقبالًا غير مسبوق من مختلفة فئات المجتمع المصري وغيره من دول العالم الذين حضروا خصيصًا للمشاركة بهذا العُرس الثقافي، رغم توجس البعض وخشيتهم من إعراض الناس عن ارتياد المعرض بسبب وقوعه بالقرب من إحدى المناطق البعيدة عن مركز العاصمة.
ولقد كان هذا الحدث الثقافي فرصة حقيقية لاستثماره في استقطاب شريحة كبيرة من المشاركين بالمعرض للإطلاع على مؤلفات «أُمة اقرأ لا تقرأ» التي تدعو للخطاب الإلهي المُنادي بالرحمة والعدل والحرية والسلام بين المسلمين بعضهم البعض، وبينهم وبين جميع البشر، في مقابل خطاب يدعو إلى القتل والتخريب والدمار والإرهاب، وهو تيار تمثله جماعات ومنظمات مارقة لا تمت للإسلام بصلة، على رأسها في هذا العصر جماعة الإخوان الإرهابية، التي يعتبر نشاطهم المدمر من أهم أسباب التطرف والإرهاب وكراهية العالم.
مشاركة مؤسسة «رسالة الإسلام»، شهدت أنشطة مختلفة، من بينها الحوار المباشر بين مفكرين وإعلاميين وحتى عامة القراء، فضلًا عن الندوات الفكرية والمحاضرات واللقاءات الثقافية على هامش المعرض، إضافة إلى العرض المباشر لمؤلفات الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي ضمن جناح دار النخبة وغيره من دور النشر العربية والأجنبية، وكان في مقدمة هذه المؤلفات كتاب «رسالة الإسلام رحمة وعدل وحرية وسلام»، وكتاب «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي».
ومن أحدث المؤلفات التي استقطبت الاهتمام من جميع الفئات، كتاب «الطلاق يهدد أمن المجتمع» الذي يطلق فيه الأستاذ الشرفاء تحذيرًا شديدًا من آفة خطيرة تعيشها مُجتمعاتنا العربية والإسلامية اليوم، تتمثل في تفكك الُأسر وتشرد الأطفال واِنهيار القِيَّم، نتيجة ما يُعرف بـ «الطلاق الشفهي»، الذي هو بمثابة كلمة تخرج في حالة غضب من شأنها تدمير كل شيء.
من هذه المؤلفات أيضًا كتاب «الزكاة صدقة وقرض حسن» الذي يشير فيه المؤلف إلى أن للزكاة في الخطاب الإلهي هدفاً محوريًا وهامًا، هو إرساء قاعدة التكافل الاجتماعي في أجل صوره. أضاف المؤلف أن تعبير الخطاب الإلهي في ذلك تمثل بعبارة الإنفاق في سبيل الله. وهذا الإنفاق هو نوع من الجهاد. وعليه يُعد سعي الأمة للتكافل فيما بينها جهادًا في الله وسعيًا إلى مرضاته، وفي ذلك يقول الله تعالي في محكم آياته : (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)- البقرة : 261
الحقيقة أن هذه الأنشطة والفعاليات خلقت جوًا من التفاعل الفكري بين رواد المعرض، وشكلت منبرًا مفتوحًا لعرض قضايا [تصويب الخطاب الديني] المستند إلى الخطاب الإلهي وتجنب كل ما عداه من مقولات بشرية، وهي قضية تمس حاضر هذه الأمة ومستقبلها، فتجاوب معها الكثيرون وتفهموا مقاصدها، مقابل عقول منغلقة تتعلق بموروثات ليس لها من الدين شيء، وتتمسك بفتاوى واِجتهادات بشرية اعتمدت على روايات منقولة ليس لها علاقة بالخطاب الإلهي.
أرجو أن يكون هذا المعرض، مناسبة لعودة الروح والتنوير إلى العالم العربي، وحسبما ذكر المفكر العربي الأستاذ علي الشرفاء، فإن ذلك يكون من خلال الخطاب الإلهي الذي مصدره ومرجعيته الوحيدة القرآن الكريم، هو كلمة الله وآياته، حيث أمر رسوله الكريم أن يبلغها للناس كافة في كتاب كريم، قرآن مبين يستهدف سعادة المجتمعات الإنسانية معتمدًا على عبادة الإله الواحد، فقد وضع لهم خارطة طريق تخرجهم من الظلمات إلى النور بتشريع أساساته الرحمة، العدل، الأخلاق، تهذيب النفس بالارتقاء بها وبالقيم النبيلة، والمحبة بين الناس، والتسامح والتعاون والسلام.