قواعد «العدل الإلهي» يوم الحساب
العدالة الإلهية المطلقة هي المقياس لمحاسبة كافة البشر يوم القيامة

- القرآن بين التنزيل والتضليل - 6 يونيو، 2023
- الصفات الإلهية - 4 يونيو، 2023
- القرآن طريق المؤمنين - 31 مايو، 2023
في الخطاب الديني
في صحيح البخاري رواية 3085
(حدثنا عمرُ بن حَفْص أنّ رسولَ الله صلّى اللهُ عليه وسلم قاَلَ: إنَّ أحدَكم يُجمَعُ في بطنِ أمّهِ أربعيَـنَ يومًا ثمَّ يكونُ علقةً مثل ذلك، ثمّ يكونُ مضغةً مثل ذلك ثمَّ يَبعثُ اللهُ إليه بأربعِ كلماتٍ فيُكتَبُ عملُهُ وأجَلُهُ ورزقُهُ وشقيٌّ أو سعيدٌ ثمّ تُنفخ فيه الرّوحُ فالرجلُ لَيعملُ بعملِ أهلِ النارِ حتّى ما يكون بيـنَه وبيـنَها إلا ذراعٌ فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيدخلُ الجنةَ وإن الرجل ليعملُ بعَملِ أهلِ الجنّةِ حتّى ما يكونُ بينَه وبينَها إلا ذراعٌ فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ النّارِ فيدخلُ النارَ.
في الخطاب الإلهي
إن اللهَ سُبحانَهُ العادلَ قد وضعَ قواعدَ العدْلِ المطلقِ لتقييمِ أعمالِ خلقهِ وأسُسِ عدلهِ ليومِ الحساب، وهذه القواعدُ هي:
القاعدةُ الأولىَ: قال تعالى ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ (الزلزلة: 7 و8).
القاعدةُ الثانية: قالَ تَعَالى ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ﴾ (هود: 114).
القاعدةُ الثالثةُ: قالَ تَعَالى ﴿الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (غافر: 71).
القاعدةُ الرابعةُ: قالَ تَعَالى ﴿وَالوَزنُ يَومُئِذٍ الحَقُّ فَمَن ثَقُلَت مَوازينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾ ﴿وَمَن خَفَّت مَوازينُهُ فَأولـئِكَ الَّذينَ خَسِروا أَنفُسَهُم بِما كانوا بِآياتِنا يَظلِمونَ﴾ (الأعراف 8 و9).
القاعدةُ الخامسةُ: قالَ تَعَالى ﴿وَنَضَعُ الموَازينَ القِسطَ لِيَومِ القِيامَةِ فَلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا وَإِن كانَ مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ أتَينا بِها وَكَفى بِنا حاسِبيـنَ﴾ (الأنبياء: 74).
القاعدة السادسة: قالَ تَعَالى ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (يس: 54).
ملاحظةٌ وتعقيب:
كيفَ تستقيمُ الروايةُ المذكورةُ، في صحيح البخاري معَ ما جاءَ في القرآنِ الكريمِ «الخِطابُ الإلهي» للنّاس كافةً، مؤكدةً آياته لقواعدِ العدلِ يومَ الحسابِ، بأنَّ عملَ الإنسان سواء كانَ خـيرًا أو شرًّا سَيُسـجّلُ في كتابهِ دُونَ ظُلمٍ حَتّى لو كانَ في مستوى ذرةٍ، ولا ينبغي للمؤمنِ أن يَقبلَ رواياتٍ تَتَعارضُ مع قواعد العدلِ والإنصاف التي جاءت في القرآنِ الكريمِ، ولا يُمكن للرسولِ الأمينِ أن يقولَ للناسِ أقوالًا ما أنزلَ الله بها مِن سُلطان، وأن يضيعَ عملَ الإنسان الذي استقامَ عليه في حياتهِ والحسناتِ التي أضيفت لأعمالهِ عندَ الحسابِ يومَ القيامة، فلن يضيعَ اللهُ حقًّا لعبد من عباده حتى ولو كان مقدار ذرّة، وتؤكد تلك الحقيقة قوله تعالى: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) (هود: 114)، إنّ هذه الرواية اعتداء صارخ على عدل الله في خلقه وإنّه سبحانه لن يضيع عملًا صالحًا لعباده، فلا يعلمُ رسول أو نبي الغيب ولا كيفية حسابه عند الله، إنَّ تلك الروايةَ افتراء على اللهِ ورسولِهِ، والله سبحانه وضع قواعد للعدل لا تتغير أو تتبدل إلى أن تقوم الساعة ويوم الحساب تطبق تلك القواعد التى جاءت في آيات القران الكريم.