روايات مَكذُوبة شوَّهت صورة الإسلام «2»
زعماء الخطاب الديني لفقوا الأحاديث لتنصيب أنفسهم أوصياء على الدين

مازلنا مع سلسلة «روايات مكذوبة شوهت صورة الإسلام»، حيث نلتقي اليوم مع الحلقة الثانية من هذه الروايات المكذوبة على الإسلام.
وهذه الروايات هي مجرد أقوال دسها زعماء الخطاب الديني ونسبوها زورًا للنبي (صلى الله عليه وسلم) لتثبيت شرعيتهم وزعامتهم الدينية على المجتمع.
وقد كشف القرآن الكريم زيف هؤلاء الكاذبون المتطاولون على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأكد سبحانه وتعالى أنهم يعلمون أنهم الكاذبون: «…يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ…»(الفتح:11).
أكذوبة الفقهاء المصلحون!
نلتقي اليوم مع رواية موضوعة ومنسوبة إلى أصحاب الرسول (صلى الله عليه وسلم) حيث تقول: «صنفان من أمتي إذا صلحا، صلح الناس: الأمراء والفقهاء».
وهذه الرواية لا أساس لها من الصحة، وهي من الروايات التي تم دسها ونسبتها للرسول، من قبل زعماء من يطلقون على أنفسهم «الفقهاء».
كما روّج لهذه الرواية زعماء الطوائف الدينية بهدف تثبيت شرعيتهم ووصايتهم على المسلمين.
وقد أكد العلماء أن هذا الحديث «موضوع» أي مكـذوب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن طريق محمد بن زياد، وهو من المدلسين على الرسول الكريم.
وقال أحد المؤرخين أنه كذاب أعور عُرف عنه أنه يضع الحديث وينسبه كذبًا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
خطر الروايات المشبوهة على الإسلام
يقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي: يواجه المسلمون اليوم قولين متناقضين في مرجعيّتهم لاستنباط التشريع الإسلامي والتفقّه في الدين.
فهناك قولًا يعتمد على روايات منسوبة للصحابة، وقول الله جل جلاله الذي أنزله على رسوله في كتاب كريم، ترتبت عليه قضية خطيرة خلقت حالة من التصادم بين روايات نُسبت للصحابة كُتبت بعد أكثر من قرن ونصف من وفاة الرسول والصحابة وآيات الله في كتابه.
وأضاف «علي الشرفاء» في كتابه «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، إن هذا التناقض خلق حيرة في العقل الذي يحاول أن يجد مخرجًا من حجم الروايات التي تراكمت في عقول القيادات الدينية على مر العصور.
وهذه الروايات خلقت بلبلة في أفكار الشباب الذين يحاولون اختراق الظلمة الداكنة من الروايات التي حجبت المتنورين في استجلاء حقائق الرسالة الإسلامية.
كما أن هذه الروايات استطاعت أن تكون حاجزًا أمام عقولهم على التفكير لتحريره منها لكي يبحثوا عن بديل آخر في الخطاب الإلهي الذي أرسله الله هدايةً ورحمةً للناس.
كما أن الخطاب الإلهي جاء للناس ليستنبطوا شريعتهم منه ويتعلموا منه فضائل الأخلاق والقِيم النبيلة ويتعرفوا على حقيقة رسالة الإسلام المُختطفة منذ قرون عديدة.