
الكعبة المشرفة أو بيت الله الحرام، أول بناء للعبادة، وأول بيت وضع للناس، فكانت قبلة للمسلمين في صلاتهم مصداقًا لقوله تعالى: «وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (البقرة: 149-150).
أمر الله المسلمين بالتوجّه إليها في صلاتهم ولن يحيدوا عنها إلى يوم القيامة.
من الذي بنى الكعبة؟
هناك معلومات تاريخية خاطئة ما أنزل الله بها من سلطان ذُكرت في كتب التاريخ من غير دليل خاصة ببناء الكعبة، ويتناقلها الكثيرون بغير علمٍ ولا برهانٍ من القرآن الكريم، والذي يعتبر المصدر الأساسي للمسلمين لاستقاء المعلومة الصحيحة.
زعمت الروايات المضلّلة والكتب التاريخية المكتوبة دون الاستناد إلى أدلة من كتاب الله، أن الملائكة هم أول من بنى الكعبة ثم أعاد بناءها آدم عليه السلام.
وكذلك نوح أعاد بناءها مرة أخرى بعد الطوفان.
رغم أن الثابت في القرآن الكريم، أن الذي بناها هو نبي الله إبراهيم هو وابنه إسماعيل – عليهما السلام -، وذلك كما جاء في قوله تعالى : «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ» (آل عمران:96).
وأيضًا في قوله تعالى: «وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» (البقرة: 127).
ثم أمر الله نبيه إبراهيم – عليه السلام – بأن يؤذّن في الناس بالحج إليها كما جاء في كتاب الله في قوله تعالى: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» (الحج:27).
وهذا يعتبر توثيق للأمر الإلهي لإبراهيم وابنه إسماعيل – عليهما السلام – وطاعتهما لأمر الله برفع قواعد البيت الحرام (الكعبة المشرفة) قِبلة المسلمين في الصلاة وقِبلة الحجيج لأداء عبادة من أجلّ العبادات وأعظمها وركن من أركان الإسلام وهي الحج.
الكعبة كما نراها الآن
الشكل الحالي للكعبة ليس هو تمامًا الشكل الذي بناها عليه إبراهيم عليه السلام، لأنها مرت بتغيرات وظروف استدعت إعادة بناءها في عصور أخرى للمحافظة عليها.
الآن يبلغ ارتفاع الكعبة 15 مترًا، وعرضها من الجهة الغربية 12 متر و11سم، أما عرضها من الجهة الشرقية فيبلغ 12متر و84سم، والجهة الجنوبية 11متر و52سم، ويبلغ عرض الجهة الشمالية 11متر و20 سم.
وللكعبة أركان يُسمى كل ركن باسم، وهذه الأسماء لها أسباب في تسميتها، فهناك الركن العراقي والذي يواجه العراق، والركن اليماني الذي يواجه اليمن، والركن الشامي جهة الشام، وكذلك ركن الحجر الأسود والموجود به الحجر. وعلى مقربة من ركن الحج الأسود يوجد باب الكعبة.
وللكعبة كسوة يتم تغييرها مرة في العام.
تعظيم الله لبيته الحرام
واختص الله بيته الحرام بصفات جاء ذكرها في القرآن الكريم ،
قال تعالى: «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» (البقرة : 125).
وقال:«إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين َفِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ» (آل عمران: 96 : 97).
وفي قوله تعالى:«وَإذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» (البقرة : 126).