شروط العودة إلى الله
خلق الله الإنسان على هيئة من العلوّ والرفعة والرقي عن سائر المخلوقات

«إذا أردنا العودة إلى الله للتعرف على رسالة الإسلام قبل هذا التغيير، فلا بد من العودة لمصدر الإسلام الأول قبل حدوث هذا التبديل الكبير والتقصير.
الرسول يعلم أصحابه الحكمة
عندما كان رسول الله – عليه الصلاة والسلام – يُعلّم أصحابه الحكمة وما ترمي إليه مقاصد آيات القرآن الكريم، ويرشدهم لاتباع المنهج الإلهي لدين الإسلام، لنقف على أركان الإسلام الكاملة لا المختزلة، والتي على رأسها الأخلاق والعدل والرحمة والحرية والسلام والفضيلة وتحريم الفساد في الأرض والتي نادت بها دعوات الأنبياء جميعًا في مختلف العصور».
بهذه الكلمات يبدأ المفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، شرح خارطة الطريق و«الروشتة» التي يضعها لاستعادة الأمة الإسلامية لهويتها الدينية الحقيقية، بعد أن اختزلنا أركان الإسلام في خمسة فقط، وتناسينا متعمدين المعاملات والمحرمات من نظرتنا للدين، فصرنا مسلمين شكلًا وليس مضمونًا وجوهرًا.
المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي
وأضاف المفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، في كتابه الرائع «المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «مؤسسة رسالة السلام للتنوير والأبحاث»: «تأتي الرسالات لتؤكد أن الله قد خلق الإنسان على هيئة من العلوّ والرفعة ارتقت به عن سائر مخلوقاته، بقوله تعالى:
«وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلً» (الإسراء:70)
مع تكريم الله للإنسان سخَّر له كل الثروات التي على الأرض وما في باطنها، فهو مخلوقٌ لإعمار هذه الأرض بالعلم والمعرفة التي علمه الله الأسماء كلها عند خلق (آدم) لتوظيف نعم الله لما ينفع الناس ويحقق لهم متطلبات العيش الكريم بقوله سبحانه:
«وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الجاثية:13)
كل تلك النِّعم تتطلب من الإنسان البحث والتفكير والدراسة العلمية لمعرفة عظمة الخالق في قوانين الكون ليزداد الناس إيمانًا بقدرته المطلقة، إضافة إلى ما يصل الإنسان إليه من معرفة في توظيف نتائج أبحاثه العلمية في استغلال الثروات الطبيعية لصالح الإنسان _كما أمرنا الله في الآية المذكورة أعلاه_ ولِما ينفع الناس في حياتهم الدنيا من مأكل ومشرب ووسائل الراحة وغيرها من متطلبات الحياة، والشكر لله بالمحافظة على تلك النعم والقيام بواجباتها لتنفع الناس جميعًا، إضافة إلى ما يجب اتباعه من الخُلق الكريم والتسمك بالفضيلة أساسها الرحمة والعدل والمحبة والتعاون والإحسان والسلام.
فهل يمكن أن يُحسن بنو آدم إعمار الأرض واستثمار ما فيها من ثروات وهم في نزاع وقتال وتظالم وحسد وكبرياء وصراع دائم؟
ولذلك أتى الأمر الإلهي بالتعاون على البرّ والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان، وأكرم الناس عند الله المتقون الذين يتقبل الله منهم أعمالهم وعباداتهم… قال تعالى:
«بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ» (آل عمران: 76)
الذين يخافون الله ويخشون عقابه والذين اتبعوا الشيطان وتخلّوا عن أوامر الله، حيث يدفعهم الشيطان للظلم واقتراف الإثم والجرائم وأكل أموال الناس بالباطل، فجزاؤهم عند الله يوم القيامة عذاب عظيم، بينما يأمر الله سبحانه الناس بالإحسان والتعاون والرحمة والعدل والسلام إذا اتبعوه، حيث يتحقق لهم عيش هنيء وسلامٌ دائمٌ».