أركان الإسلام

شهور العبادات وأيام المعاملات (4-5)

منازل القمر لها بداية تعود إليها وهي حالة «العرجون القديم»

Latest posts by عدنان الرفاعي (see all)

     هذا البحث

يحاول البعض التشكيك في كل ما يتعلق بالدين الإسلامي، والبحث عن مدخل لتشويهه..

ولأن الشهور القمرية (التقويم الهجري) له أهمية خاصة في إقامة الشعائر الإسلامية خاصة صوم رمضان والحج، فهي تنال حظها من الهجوم ومحاولة نفي مشروعيتها..

ومن هذا المنطلق يقوم موقع «التنوير» بنشر هذا البحث والذي يتناول من منطلق علمي وشرعي – وفقًا لرؤية الباحث وما يسوقه من أدلة – الفرق بين التقويم القمري والتقويم الشمسي وأهمية وجود كل منهما في حياة الإنسان، مع التدليل على ذلك من القرآن الكريم..

مع اقتراب شهر رمضان المبارك، يتجدد كل عام اللّغط والجدل حول الشهور الهجرية «العربية – القمرية» والشهور الشمسية «الإفرنجية» وأيهما أحق أن نتبعه في عباداتنا ومعاملاتنا.

وقد استعرضنا في المقالات السابقة بكثير من التفاصيل والمعلومات، الفروق الثابتة بين الشهور القمرية والمرتبطة بدوران القمر حول الأرض وكذلك تلك الشهور الناتجة عن دوران الأرض حول الشمس..

ونستكمل في هذا المقال ما بدأناه، في ذلك البحث القيم، ونتعرف على أي من المنظومتين القمرية والشمسية أصلح لاستخدامها في حساب الأيام والسنوات وأيهما تناسب أداء الفرائض والعبادات.

الرابط بين منظومتي الأيام والشهور

.. منظومتا الأيّام والفصول، بينهما رابط، كون المنظومتين تكتمل دورة كلٍّ منهما بدورة كاملة للأرض حول الشمس حيث تدور حول نفسها (365) دورة، مكوّنة الأيّام أثناء هذه الرحلة..

أي: دورتاهما متطابقتان تمامًا..

فهويّات الأيّام الـ (365) المكوّنة للسنة الشمسيّة في المكان ذاته، هي ذاتها تكوِّن أيّام فصول السنة لهذا المكان..

مثلًا.. عندنا في نصف الكرة الشمالي، أطول الأيّام نهارًا في السنة يكون في يونيو كشهر من شهور الصيف، وأقصر الأيّام نهارًا في السنة يكون في ديسمبر كشهر من شهور الشتاء..

وهذه حقيقة فلكيّة ثابتة..

فلأنَّ دورتيهما متطابقتان تمامًا (مدّتها سنة) نرى رابطًا بينهما، ونستطيع القول بأنّهما منظومتان مترابطتان تمامًا، لا تنفكُّ كلٌّ منهما عن الأُخرى..

.. بينما هويّات الشهور الـ (12)، لا علاقة لها بمنظومة الفصول، فدورة منظومة الفصول أطول من دورة منظومة الشهور الـ (12) بحوالي (11) يوماً..

وبالتالي.. ستدور الشهور القمريّة على كامل فصول السنة، لتتناوب الأيّام الـ (365) ذاتها المكوّنة للسنة الشمسيّة، مرورًا على كل الشهور القمريّة، كما هو معلوم، ومعمول به في الحساب القمري..

.. وهذا ما تشير إليه العبارة الأخيرة: (وكلٌّ في فلكٍ يسبحون)، في الآيتين:

(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس: 39 – 40]

.. فبالنسبة لنا نحن هنا على الأرض، وفي حدود متوسّط عمر الفرد منّا، لا يمكن لما ينتج عن الشمس نتيجة دوران الأرض حولها (مفهوم الفصول، والأيّام)، أن يُدرَك تطابقًا فلكيًّا في منظومة واحدة، مع ما ينتج عن القمر في دورانه حول الأرض (مفهوم الشهور)..

وبالتالي.. فمحاولات دمج ما ينتج عن دوران القمر من هويّات للشهور، مع ما ينتج عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس من هويّات للأيّام والفصول، لن تفلح أبدًا..

وسيضطر متوهّمو هذا الدمج إلى إنكار هويّات الشهور الـ (12)، وذلك:

1 – إمّا بإلغاء هويّة شهر كلّ فترة، وبالتالي يُضلِّلون الناس في هويّات الشهور، فيكون الناس في شهر، ويحسبونه شهرًا آخر..

2 – أو بإلغاء عدِّ الأهلّة الـ (11) من الشهر (الأوَّل)، بعد نهاية دورة الشهور الـ (12)، وهي الفارق حتّى اكتمال أيّام السنة، ليبدؤوا العدَّ من بعد انقضاء هذه الأهلّة التي أوقفوا العدَّ فيها..

وهنا ستكون بداية الشهور في الدورة الجديدة ليست من المحاق، بل ليست من المنزلة ذاتها التي بدأت بها الشهور في الدورة السابقة، وإنّما من هلالٍ ما وسط الشهر، وستكون بداية الشهور في الدورة اللاحقة من هلالٍ آخر وسط الشهر، وهكذا…

وهم بذلك ليس فقط يُلغون هويّات الشهور، وإنّما أيضًا لا يؤمنون بأنَّ بداية الشهور – كحقيقة كونيّة يشترك كلُّ البشر بها – هي المحاق، وأنَّها تعود في نهايتها إلى هذه الحالة..

فقوله تعالى: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) [يس: 39]..

واضح بأنَّ منازل القمر لها بداية تعود إليها، وهي حالة العرجون القديم، فتقدير الله تعالى لمنازل القمر (الأهلّة التي نراها والمكوّنة للشهر) كحقيقة كونيّة يشترك كلُّ البشر بها، تبدأ بحالة العرجون القديم – حصرًا – لتعود في نهايتها إلى حالة العرجون القديم..

وفوق ذلك.. قاموا بإلغاء (11) هلالًا من شهرٍ قمريٍّ، واعتبروا بدايته من بعدها، فأخذوا ما تبقَّى من هذا الشهر مع مجموعة أهلّة من الشهر التالي له، واعتبروا المجموع لذلك شهرًا قمريًّا واحدًا، فقط لإرضاء أوهامهم وما تسوّله لهم نفوسهم..

.. الشهر القمري يساوي: (29.53022) يومًا.. ودورة الشهور القمريّة الـ (12) تساوي (354.36264) يومًا..

ودورة الأرض حول الشمس دورة كاملة تساوي: (365.2422) يومًا..

ومن العبث إيقاف عدِّ الشهور، في الوقت الذي لا يتوقَّف فيه القمر عن الدوران (وبالتالي عن إنتاج تتالي منظومة الشهور، كـ (12) شهرًا لكلِّ شهر منها هويّته الخاصّة به)..

 

المصدر:

من بحث «إنّما النسيء زيادة في الكفر»، المنشور بالموقع الرسمي للمهندس عدنان الرفاعي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى