
صناعة العقول .. من أهم وأخطر الصناعات التي حرص عليها القرآن الكريم، ليُنشئ أمة عالِمة واعية مثقفة.
والمتأمل في الخطاب الإلهي بالقرآن الكريم يجد أن معظم الآيات تحثنا على تنمية وتدريب وإعمال العقول، وهو ما يخدم صناعة العقول التي يعود نفعها على الفرد والأسرة والمجتمع.
والمُتصفح لآيات الذكر الحكيم، يجد مئات الآيات تحثنا على العلم وتُطالب المسلم والمسلمة بالتعلُّم والتعقُّل والتدبُّر في جميع ملكوت الله، حيث قال سبحانه وتعالى: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (آل عمران: 18).
العلم والتفكر والتدبر في القرآن الكريم
يقول الدكتور أسامة الأزهري، المستشار الديني لرئيس الجمهورية، في كلمة له حول أهمية التفكر والتدبر إنَّ الله جعل منزلة العلماء بعد منزلة الملائكة في الشهادة لله بالوحداينة والعظمة، حيث تعددت الآيات التي أكدت أهميته.
حيث قال تعالى «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ» (الزمر: 9).
وقال سبحانه وتعالى «فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا» (طه: 114).
وكذلك قال تعالى «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» (العلق: 1)، وقال تعالى «يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» (مريم: 12).
العلم سبيلنا للتقدم في جميع العلوم
وأضاف «الأزهري»: القرآن الكريم يأمر العقول بالنظر والتدبر والاستدلال والتفكر والتعقل في 700 موضع من القرآن والذكر الحكيم، كما أكد الدكتور أسامة الأزهري.
وقال: نحن المسلمون مررنا بمرحلتين الأولى؛ كنا على تمام الوعي والإدراك لهذا المقصد العظيم بأهمية العلم فاشتغلنا به، وشيدنا مدارس العلوم والمستشفيات ومراصد الفلك والمكتبات واستفاضت فيها علوم الشريعة والحياة والكون.
وأضاف: ظل المسلمون يحركهم القرآن العظيم إلى العلم باختلاف فنونه وميادينه ومجالاته على مدار ألف عام كاملة كانوا فيها صُناع الحضارة.
وذكر أنهم سجلوا السّبق العظيم في العلوم الرياضية والفلكية والطبية وعلوم البحار والملاحة وأدب الرحلات والجغرافيا ودراسة طبائع الأمم.
وأشار إلى أن المسلمين لم يُريقوا الدماء ولا يعرفون التناحُر بل أحبوا العلم وشغفوا به واشتغلوا به وأبدعوا فيه.