الأسرة والمجتمع

عبادات العيد

حقوق الله لا تنحصر في الفرائض فقط

ليس هناك هدف أسمى من عبادة الله، مكلف بها جميع المخلوقات وذلك مصداقًا لقوله تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» (الذاريات: 56).

ومفهوم العبادة في الإسلام لا ينحصر في الفرائض من صيام وصلاة وزكاة وحج ونحو ذلك فقط، ولكنها تشمل كافة مناحي الحياة، فكل ما يفعله الإنسان من أوامر الله هو عبادة وكل ما يمتنع عنه تنفيذًا لنواهي الله هو ايضًا عبادة.

وإذا كنا قد انتهينا من شهر رمضان، المعروف بأنه شهر العبادات، لصيامنا نهاره وقيامنا ليله، كما أننا خلاله نهذّب أنفسنا ونعودها على كبح جماح شهواتها ومقاومة الرغبات.

فإننا في العيد نؤدي العديد والعديد من العبادات والتي قد نغفلها في غيره من الأيام والشهور.

وأول ما نؤديه من عبادات العيد هو التكبير، وذلك امتثالًا لقوله تعالى: «وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ…» (البقرة: 185).

وعبادة ذكر الله وتكبيره من العبادات المهملة، فينشغل غالبية الناس بالفرائض والشعائر الظاهرة والمشهورة مثل الصيام والصلاة والزكاة والحج، ويتجاهلون غيرها من العبادات.

قال تعالى: «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ…» (آل عمران: 191).

وقال تعالى: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ» (الرعد: 28).

وقال تعالى: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ…» (البقرة: 152).

والأعياد فرصة للفرح والسرور، وتوسعة على أنفسنا وأهلينا في الطعام والشراب والملبس، اعترافًا بفضل الله الواسع علينا، وفي ذلك يقول المولى عز وجل: «قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ…» (يونس: 58).

وقال تعالى: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ» (الأعراف: 32).

وبالطبع لا ننسى في هذا اليوم أداء فريضة إسلامية مهمة وهي زكاة الفطر، والتي تعد إتمامًا لنعمة الصوم وتكملة لفريضة صيام رمضان.

وفي العيد يجب أن نستغل الفرصة للتزاور وصلة الرحم، وننفذ الأمر الإلهي: «وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ» (الرعد: 21).

وقال تعالى: «وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ…» (الأنفال: 75).

وقال تعالى: «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ…» (النساء: 1).

وقال تعالى: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ» (محمد: 22-23).

وقال تعالى: «وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ» (الرعد: 25).

وهكذا نرى أن صلة الرحم من العبادات عظيمة الشأن والأجر في الإسلام.

وبالطبع بر الوالدين وزيارتهما في العيد، وفي غيرهما طبعًا، من أعظم درجات صلة الرحم.

قال تعالى: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ» (البقرة: 83).

وقال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» (الإسراء: 23).

وقال تعالى: «وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا» (النساء: 36).

وقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» (لقمان: 14).

وقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ» (الأحقاف: 15).

وقال تعالى: «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» (العنكبوت: 8).

ويدخل في عبادات العيد التصدّق على الأيتام، والأرامل وذوي الحاجة، وكذلك إدخال السرور على الأقارب والأصدقاء والجيران، فضلًا عن إفشاء السلام وتبادل الكلام الطيب بين المسلمين.

وأخيرًا فإننا نذكّركم بأن عبادة الله لا تتوقف عند مناسبة أو شهر محدد، سواء كان رمضان أو شوال أو ذي الحجة أو غيرها من شهور السنة، وإنما عبادة الله واجبة علينا في كل وقت وكل حين، وحتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا ويتوفانا الموت.

قال تعالى: «وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ» (الحجر: 99).

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى