- الطمع في رحمة الله ! - 2 مارس، 2023
- قضية هجر القرآن في «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي» - 24 ديسمبر، 2022
- مؤامرة تدوين السنة - 1 يوليو، 2019
هذا المقال:
يكشف الكاتب من خلاله واحدة من الأزمات التي يعيشها المجتمع العربي وهي العناد والتحيز للرأي وعدم وجود ثقافة الحوار وغلبة الأهواء الشخصية والنزعات القبلية والتمسك بالموروثات البالية، إلا أن ما ورد بالمقال لا يعني أن كل العرب يفعلون ذلك بل هناك من بينهم من يمتلكون ناصية الحكمة وبذلوا ما في وسعهم للحد من تلك الآثار السلبية فأحيانًا ينجحون في مسعاهم الحميد وتارة لا يكون التوفيق حليفهم
وأخيرًا نؤكد أن العرب مثلهم مثل كل الأمم.. لهم ما لهم.. وعليهم ما عليهم.. فلا عصمة لأمة أو بشر.
استعرضنا في الجزء الأول من هذا المقال، كيف نشبت وانتهت حرب «داحس والغبراء»، في التاريخ العربي القديم، بين قبيلتي عبس وذبيان.
وهي الحرب التي استمرت 40 عامًا، بين القبيلتين ومن وقف معهما، بسبب الخلاف على حصانين هما داحس والغبراء.
وفي الأسطر التالية، نستعرض معركة أخرى لا تقل فجاجة عن حرب «داحس والغبراء»، وهي حرب البسوس.
وكانت البسوس امرأة فقيرة تعيش في حمى إحدى القبائل العربية.
ولم تكن تملك من حطام الدنيا سوى ناقة، تعيش على لبنها، وكلما ولدت الناقة باعت ما تلد بعد فترة، وكان هذا هو مصدر رزقها.
وذات يوم أخذت ناقتها وذهبت بعيدًا عن ديار القبيلة، للبحث عن مراعي جيدة، إلا أنها في سبيل ذلك تجاوزت حدود القبيلة، ودخلت في حدود قبيلة أخرى.
وعندما احتاجت الناقة إلى الماء، أوردتها أحد آبار القبيلة الأخرى، ولما علم رعاة القبيلة الأخرى، برعي الناقة في مراعيهم، وشُربها من مياههم، قامت القيامة!.
وذهبوا حيث توجد البسوس، وناقتها وضربوا البسوس ضربًا مبرحًا وعقروا الناقة، وشووا لحمها على النار وأكلوه أمامها.
وعادت البسوس حزينة واستجارت بالقبيلة التي كانت تعيش في كنفها، وتحت رعايتها.
حرب البسوس
وهنا اجتمعت القبيلة، وقرروا خوض لظى الحرب ضد القبيلة الأخرى، لتستمر هذه الحرب الغبية لمدة 40 عامًا مثل حرب [داحس والغبراء]، وسُميت في التاريخ بحرب البسوس.
وعندما قام بعض المؤرخين العرب والأجانب بتحليل أسباب وأهداف هذه الحرب لم يجدوا شيئًا، ولكنهم اتفقوا على أن [العِنْد] هو صمام ومحور العقل العربي في تلك الحرب.
وأن العرب من الممكن أن يصلوا إلى الفناء بسبب [المعاندة] عندما تغلق عليهم آفاق كل فهم.
ومن الممكن تطبيق هذه النظرية التاريخية على العرب الآن، واستغلال الأجانب لهذه الخاصية في عقولهم، ودفعهم لقتل بعضهم بعضًا إلى ما لا نهاية، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
إذا طبقنا ما حدث في جزيرة العرب من حروب إبادة، أساسها الغباء ووقودها [العند] وانعدام الرؤية على ما يحدث الآن في بلاد العرب فسنجد ما يلي:
العراق
دخل الأمريكان العراق بهدف إفنائه وإبادة شعبه، لأن جيشه كان يهدد إسرائيل.
هذا هو الهدف [شبه المعلن] أما الهدف الذي اتضح مع مرور الوقت فهو بداية إفناء العرب والمسلمين من العراق.
وقام الأمريكان بنسف مساجد للشيعة وأخرى لأهل السنة، ودقوا بعلم ودراسة «إسفين» الفتنة.
وإلى الآن وكل طائفة ترى أن حياتها في فناء الطائفة الأخرى، وإذا اشتد الصراع وضاق الصدر لجأوا إلى عدوهم [أمريكا] يسألونه المشورة والمساعدة.
فتقول أمريكا لابد من تشكيل قوات الحشد الشعبي مع الجيش لقتال داعش، فيقوم رئيس الوزراء بتشكيل هذه القوات من الشيعة، وتذهب هذه القوات مع الجيش إلى محافظات أهل السنة، وتقوم بذبح ما تبقى من داعش من غير ذبح.
وما تفعله الطائرات الأمريكية من إلقاء المساعدات العسكرية والأغذية والدولارات على داعش أصبح معروفًا للجميع، ولست في حاجة إلى بيانه، وما يهمني الآن هو التركيز على صفتيّ [الغباء والعند].
فالخلاف بين العراقيين على من يحكم ويتصدر الموقف أقوى من خلافهم مع عدوهم الحنون [أمريكا] وعدوهم القاسي [داعش].
وهكذا تعود حرب داحس والغبراء وكذلك حرب البسوس يطلان برأسيهما من جديد، وأكثر من ألفي عام لم تغير العرب.
هذا لا يمنع من وجود كثرة محترمة جدًا في الشعب العراقي، ولكن ليس لهم من الأمر شيء.
المصدر: