- سدس الأمراء وحياة كريمة - 19 سبتمبر، 2023
- التراث بين الاجترار والاستمرار - 13 أغسطس، 2023
- توثيق الطلاق انتصار للمرأة المصرية - 25 مارس، 2023
فتاوى الدم مثلها مثل الوشم، لا ينفع معها غسيل، ولا تُجدى معها منظفات..
فهي قد نفذت من الجلد إلى أعماقه، وتسللت إلى الدم وكراته الحمراء والبيضاء..
أنهكت جهاز مناعتنا العقلي، فأُصبنا بالإيدز الحضاري، نفذ السهم وتم النزف وتلوث الجرح وصارت الندبة متشعّبة كأذرع الأخطبوط، منتشرة كالسرطان..
الشيخ عائض القرني اعتذر وأعلن عن توبته، وزف إلينا البشرى بأنه كان غلطانًا، لأنه ضيّق على الناس حياتهم!!
يا سلام سلم.. القرني بيتكلم!!
بهذه السهولة والبساطة بعدما حوّل تجار الدم وسماسرة الدين حياتنا إلى جحيم بالفتاوى والتحريضات واختيار أبشع ما في التراث من حكايات متحفية مليئة بالقتل والذبح والأشلاء..
استمعنا إليك في أدعيتك التي تصرخ فيها وتطلب نفيًا وحرقًا وأشلاء وتحطيم أسنان وتكسير عظام…. إلى آخر هذا القاموس الدراكيولي البشع..
ثم تأتي اليوم لتعتذر وكأنك تعتذر عن دلقك كوب شاي على ملابسنا!!
يا سادة، القصة ليست في اعتذار عائض القرني، وإنما في استراتيجية تيار بأكمله يجرنا إلى خارج التاريخ ويقذف بنا إلى الثقب الأسود لجهنم..
فليعتذر الشيخ عائض أو كل دعاة التطرّف، هذا شأن خاص بينهم وبين الله، وهو جل جلاله الذي سيقبل توبتهم أو لا يقبل..
لكن المجتمع لن يسامحهم، ولن ينسى البطون المبقورة والأطراف المنثورة والدم المتخثر والجماجم المتفحمة والأحزمة الناسفة والشباب الانتحاري..
لن ينسى كل إفراز فتاويكم المفخخة، التي جعلت شبابًا يهاجر من أقصى الأرض، ليُفجر نفسه على بُعد آلاف الأميال في بلد لم يزره ولم يعرفه من قبل..
يفجر نفسه لمجرد أنه قد سمع فتوى من خلال شاشة أو تحريض من على منبر..
تقولون فتاويكم بكل يقين فاشي ودم بارد وشبق شرير..
بعد كل هذا تريدون تقديم أوراق اعتذاركم..
آسف جداً!!
آسفين كشعوب وقبائل وبشر وأرامل وثكالى وأيتام، فتاويكم لا تسقط بالتقادُم!!
المصدر:
مقال «يرسمون فتاوى الدم كالوشم واليوم يريدون غسلها» المنشور في موقع الوطن