
وحدة المسلمين من الأمور الهامة التي أقرَّها الإسلام، لسد الطريق أمام محاولات الأعداء ومؤامراتهم لبثِّ الفتنة بين صفوفهم؛ الحج له الدور الأكبر في ذلك.
السمة الأبرز للمسلمين أنهم أمة التوحيد والوحدة، ولم ينتصروا على أعدائهم إلَّا بذلك والتمسك برباط الأخوّة والألفة، لا الفُرقة والتنازُع.
تلك الفريضة تجمع المسلمين من جميع بقاع الأرض بزيٍ واحدٍ ووجهة وقبلة واحدة وفي مكانٍ ورب واحدٍ راجين الرضا وغفران الذنوب.
الحج من أعظم مواسم الخير
يعيش المسلمون في هذه الأيام موسمًا من أعظم مواسم الخير في حياتهم على الإطلاق، حيث تجتمع القلوب، وترتفع نبرات الحناجر مُلبّية لله بالتوحيد.
توحيد كلمة المسلمين، من أهم دروس الحج، يحدث حالة من الغضب لدى أعداء الإسلام، لاجتماعهم داعين ربًّا واحدًا، في حالة وحدة الصف.
الإسلام وحّد بين المسلمين جميعًا بما أوجب عليهم من الإيمان بربٍ واحدٍ، والخضوع له وحده واتباع كتاب وشرع واحد،وجعل لهم هدف واحد.
بالتأمل في كتاب الله العزيز نرى أنّ الوحدة كان لها الدور الأبرز في نصر الأمة وعزتها وتحقيق كرامتها، بل وتبليغ الرسالة في الآفاق إلى كل الدنيا.
الوحدة أساس نصر المسلمين
وكانت الوحدة التي أقرَّها الحج هي شرط النصر والتمكين، وسببًا لإذلال أعداء الإسلام الذين يتنادوْن بـ«فرِّق تسُدْ»، ولا قيام لمصالحهم إلا بوحدتهم واجتماعهم على الحق.
قال الله تعالى «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (آل عمران:103).
مشهد الحجيج يبعث في النفوس الأمل أن يعود المسلمين صفًا واحدًا، ويستندون إلى مرجعية واحدة.
وتظهر الوحدة بين المسلمين في الحج من خلال شعائره من طواف وسعي، ونداء دون اختلاف أو تناقض ووحدة الحجاج في هيئتهم وشكلهم ومظهرهم.
الحجاج يرتدون الملابس ذاتها عند إحرامهم للحج المتمثلة بالإزار والرداء الأبيض والنداء والتلبية، بقول «لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك».
قال الله تعالى «وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» (الحج:27).