أركان الإسلام

فتنة فقهاء السوء!

خدعوا الأمة باجتهادات من «الروايات» وتجاهلوا القرآن الكريم

لماذا يصر بعض الفقهاء إن لم يكن معظمهم، على استمرار أكذوبة الأركان الخمسة للإسلام واختزال العقيدة في العبادات دون المعاملات؟ هذا السؤال هو محور هذا المقال للكاتب والمفكر الإسلامي، علي محمد الشرفاء الحمادي، والمقتبس من كتابه «المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، حيث يقول فيه: «إن العبادات في القرآن الكريم وسائل تؤدي إلى غاية من الغايات أو هدف عظيم، فالصلاة في المفهوم القرآني وسيلة يستعان بها لما هو أعلى منها:

(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ).. (البقرة: 45)

وكذلك الصيام هو وسيلة فقط إلى غاية تُسمى التقوى:

(يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).. ( البقرة: 183)

فالغاية هي التقوى كما في قوله تعالى:

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).. (البقرة: 21)

والتقوى هي أداء تكاليف العبادات كما أمر الله والخوف منه يوم الحساب، الذي يمنعه من ارتكاب  أنواع المعاصي كافة، وكفّ الأذى والعدوان والبعد عن الظلم والبغي، والتقرب إلى الله بتلاوة القرآن والتدبر في آياته واتباع ما أحلَّ الله وما حرمه.. قال تعالى:

(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).. (المائدة: 2)

إنَّ الله يأمر المسلمين بالتوسع في أعمال الخير والإحسان والتعاون في سبل الخير والإصلاح كافة بين الناس والتكافل في مساعدة المحتاجين ورفع الضرر عن المظلومين والامتناع كليًّا عن مساعدة الظالمين وإعانة المعتدين واتباع سبل العدل والدفاع عن الحقوق.

وقد اُبتليت الأمة ببعض فقهاء السوء، خدعوا الناس باجتهاداتهم وما استمدوه من روايات تدعم استنتاجاتهم لصرفهم عن الخطاب الإلهي للناس، وعمل هؤلاء بدعوتهم إلى حصر الأركان في العبادات، وعملوا على إلهاء الناس وصرفهم عن الغايات والأهداف العليا للإسلام واستبدالها بالوسائل، لأنَّ العبادات سهلة التطبيق ولا تحتاج إلى جهد في مجاهدة النفس وتطويعها وكبح جماحها في تدريبها على أخلاق القرآن وفضائله النبيلة التي أمر الله المسلمين بأن يلتزموا بها في معاملاتهم وسلوكياتهم.

وليس في كل الأحوال تكون النوايا حسنةً والمقاصدُ طيبةً، بل إننا نستشعر أنَّ حملات استهداف الأمة فكريًّا وعقائديًّا كانت الروايات والإسرائيليات تقف خلف هذا الهدف للحيلولة دون قيام الأمة ونهوضها، لينشغل المسلمون في دوامة المناظرات والفلسفات المستوردة من أوروبا والانزلاق في تصديق الروايات التي فرَّقت المسلمين شيعًا وطوائف وأحزابًا يقاتلون بعضهم بعضًا في حين نقرأ في القرآن أنَّ النبي جعله الله رَحمَةً لِلعَالميَنَ بقوله تعالى:

(وما أرسلناك الا رحمة للعالمين).. (الأنبياء: 107)

ثم لا نرى هذه الرحمة عند المسلمين، ونقرأ أنَّ القرآن ذِكرٌ لِلعَالمينَ، حيث يقول سبحانه:

(ولقد يسَّرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).. (القمر: 17)

وقوله تعالى:

(إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانية يرجون تجارة لن تبور).. ( فاطر: 29)

ثم لا نراهم يتلون القرآن ولا يتدبرون ما فيه من حكم ونصائح ولا  يتفكرون في خلق السماوات والأرض أو يستنبطون منه التشريعات اللازمة لضبط نظم الحياة ومتطلباتها، من قوانين تنظم حياة المجتمعات الإسلامية بتشريعات وضوابط لسلوكيات أفراده.

ذلك أنَّ حشد الروايات الملفّقة، وفتاوى علماء السلطان على مَرِّ العصور كانا سببًا في الالتباس الذي نراه في فهم المسلمين لأركان الإسلام الخمسة».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى