رؤى

كيف يغسلون الأدمغة في الجماعات المتطرفة؟

قتل التفكير النقدي وفضيلة السؤال إلى خطوة عسكرة الدين

خالد منتصر

أجريت حواراً مع الصديق الجميل والمثقف الرائع د. طارق عبدالحميد، الشهير بتوفيق حميد، الذي يعيش في أمريكا الآن محارباً للإخوان وتنظيمات التطرف هناك، وكان لدي فضول أن أسأله كيف غسلوا دماغه وهو طالب في كلية الطب وجندوه في الجماعة الإسلامية وهو الذي يمتلك الآن عداءً سافراً مع تلك الجماعات والتنظيمات؟

تجربة مهمة لا بد أن تكون أمام كل شاب لكي يعرف كم الخداع الذي تمارسه تلك التنظيمات حتى تغسل الأدمغة وتجند الشباب وتذهب بهم للحرب والقتال في «داعش» بسوريا أو «القاعدة» في أفغانستان، حكى لي صديقي د. طارق أن البداية هي قتل التفكير النقدي واغتيال السؤال.

وحكى لي أن أول جملة قد قيلت له من أمير الجماعة كانت «الفكر كفر»!! وشبهوا له مخه وعقله بالحمار الذي ما أن يوصله إلى باب قصر السلطان فإنه يجب أن يتركه على الباب في الخارج ويدخل إلى القصر مترجلاً، لا يسأل، لا يشك، لا يجادل، لا يبحث عن منطق، بعد قتل التفكير النقدي وفضيلة السؤال تنتقل الجماعة معه إلى خطوة عسكرة الدين وتحويله إلى تنظيم جهادي، حتى الصلاة والوسواس الذي يزرعونه بداخلك عن ضرورة الاصطفاف بشكل معين والتجمع بشكل معين والنداء بصوت جهوري يقترب من الصراخ.. إلخ.

كلها خطوات لجعلك تنتقل من مرحلة طالب الطب أو طالب الهندسة إلى مجاهد قوي البأس نحتاجك بعد ذلك في أحراش ومجاهل الجبال والكهوف في البلاد التي سنغزوها أو نفتحها، ثالث الخطوات زرع الخوف والرعب بالكلام المستمر عن الحرق والعذاب الأبدي، وأن أي تصرف بسيط سيجعلك عرضة للانتقام والثأر والثعبان الأقرع.. الخ.

فتصبح إنساناً خليطاً من مشاعر متناقضة، مستعداً لتفجير نفسك بحزام ناسف وفي نفس الوقت مرعوباً من النظر لخصلة شعر امرأة أو مشاهدة فيلم على التليفزيون! آخر الخطوات إماتة الضمير ودفنه، فيجعلونك تقبل بمنتهى السعادة مشهد رجم بنت شابة صغيرة حتى الموت، وأنت تقول بكل ضمير مستريح وأنت تستلذ بمشهد الدماء النازفة من رأسها وجسدها، تقول مصفقاً: «تستاهل»، فهي ملعونة فاجرة فاسقة.. إلخ، حتى تبرر لنفسك خيانة ضميرك، خطوات شيطانية ولا يمكن أن تكون خطوات إيمانية روحانية على الإطلاق.

نقلًا عن «الوطن»

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى