رؤى

ليلة سقوط «الخونة»

ثورة يونيو أنهت حلم «الجماعة» للاستيلاء على حكم مصر للأبد

Latest posts by ثروت الخرباوي (see all)

في أحد الأيام الرائعة قامت ثورة يونيو..

جاء يوم الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ ليسقط مشروع الإخوان المتعلق بالاستيلاء على حكم مصر أبد الآبدين..

جاء يوم الثلاثين ليسقط الإخوان، ولأول مرة في تاريخ مصر يخرج كل قضاة مصر من محاكمهم وناديهم، ليقفوا في الشارع مع إخوانهم من المصريين، كنت تجدهم في ميدان التحرير وعند قصر الاتحادية، تنطلق الحناجر بالهتافات، وتنطلق القلوب بالنبضات، القضاة مع الشعب، والشعب مع القضاة، والكل في واحد رقم صحيح.

يعود القضاة إلى محراب العدالة، يحملون أعباءً تنوء الجبال بحملها، يعودون للعدل وقد أرضوا ربهم وضمائرهم، فقد كانوا منتدبين من الله سبحانه وتعالى في قضية من أخطر القضايا، هي قضية الوطن.

هذا هو الواقع الذي حدث ولا يستطيع أحد أن ينكره، ولا يستطيع جاحد أن يرفضه، فقد كنا معهم وكانوا معنا جميعًا، وكان حكمهم هو:

«حكمت المحكمة بنهاية حكم الإخوان، وبداية حقيقية للشعب المصري يحصل بها على مكانته بين الأمم»..

رفعت الجلسة!

ومع القضاة يخرج المثقفون والأدباء حيث تكون انطلاقتهم من اعتصامهم في وزارة الثقافة بالزمالك ليتحركوا ويحركوا الشعب كله، ليكتبوا معًا أعظم رواية في تاريخ الثورات، وأعظم قصيدة في حب مصر.

ويخرج المحامون وهم يرتدون ثوب المحاماة الأسود في منظومة دفاع عن الشعب المصري تقارب في عظمتها ما فعلوه إبان ثورة ١٩١٩.

وكان ما قام به الصحفيون والإعلاميون مضرب الأمثال رغم التهديد والوعيد ولكنهم كانوا يدبجون المقالة العظمى في حب مصر..

خرج الجميع، مسلمين وأقباطًا، سياسيين وحزبيين من اليمين إلى اليسار، بعد ما رأى الجميع أن الإخوان لا يعرفون الوطن، وبعد أن أدرك الكل أن وطنهم هو تنظيمهم، أما مصر فليست في بالهم.

وجاءت اللحظة التي سحب فيها الشعب من ممثلهم في الرئاسة المدعو محمد مرسي شرعيته وطرده من القصر شر طردة..

وقتئذ لم يكن أمام الجيش المصري الوطني حتى النخاع إلا أن يسعى لتنفيذ إرادة الشعب..

قال له الشعب بلسان الحال لا المقال: «أنت يا جيشنا ملك للشعب وملك للمشروع الوطني المصري، ويجب أن تنفذ إرادة الشعب، وقد أراد الشعب أن يطرد هذا الرجل من منصبه الذي أعطاه إياه، وأنت القوة الصلبة الوحيدة التي تستطيع أن تضع إرادتنا موضع التنفيذ، وإن لم تفعل ستراق الدماء وسنقتحم القصر وسنشتبك مع عصابة هذا الرجل وسنفنيهم عن آخرهم، اعلم أيها الجيش أن البديل إذا لم تقم بتنفيذ إرادتنا هو الدم».

فنظر الجيش قبل ثورة يونيو إلى الحال الذي تمر به البلاد فكتب بيانًا للشعب بكل أطيافه، وطلب من الرئيس المعزول أن ينظر إلى طلبات الشعب وأن يتوافق معهم حتى لا تمر البلاد بحالة انفلات..

وفي البيان تم إمهال كل الأطياف أسبوعًا للتوافق..

ولكن المعزول لم يهتم..

فخرجت الملايين الجامحة تهتف: «الشعب خلاص أسقط النظام»..

فإذا بالرئيس المعزول يخرج ليخطب فينا خطابًا هشًا مثله، سطحيًا مثله..

وكان الشعب قد كفر به وبوعوده، فهو لم يَعد وعدًا واحدًا ثم وفَّى به، ولم يتحدث حديثًا واحدًا وصدق فيه، ولم يحفظ مقدرات البلاد، ثم جعل نفقات قصره تزيد أضعافًا على النفقات التي كان مبارك ينفقها على القصر، وكأن مبارك كان ينفق على أسرته، فى حين أن مرسي كان ينفق على أسرته وجماعته وأهله وعشيرته، لذلك لم يثق الشعب فيه وفي وعوده..

ولم يوافق أي إنسان في رأسه ذرة من عقل أن يجلس معه..

وهل نجلس مع كذاب مخادع خائن؟.

بالنسبة للعقلاء حين يتم طرد موظف درجة ثالثة بسبب أخطاء ارتكبها فإنه يقوم بالاعتراف بخطئه والاعتذار عنه..

بالنسبة للمكابرين فإنهم يدَّعون أنهم لم يقعوا في خطأ قط وأنهم تعرضوا لظلم..

بالنسبة للأغبياء فإنهم سيقولون هناك مؤامرة كونية ضدنا..

بالنسبة للمجانين سيقولون: من الذي قال إنه تم طردنا من وظيفتنا!، نحن مازلنا نشغل عملنا لأن لنا شرعية تعيين..

وبالنسبة للخائنين فإنهم يسارعون إلى الاستقواء بقوى خارجية..

وبالنسبة للخائنين المجرمين فإنهم يستقوون بالخارج ويطلبون معاقبة من طردهم.

فعل الإخوان كل ما سلف، فجمعوا الغباء مع الجنون مع الإجرام مع الخيانة، وزادوا على ذلك بأن قالوا: إن ما حدث في مصر هو انقلاب عسكرى، يا صلاة النبي أحسن!، انقلاب عسكري يا مرسي؟!، انقلاب عسكري يا بديع؟!

هل تعرفون معنى الانقلاب العسكري؟

إنهم يعرفون ولكنهم يكابرون..

ولكن لماذا ادعى الإخوان ذلك وهم يعرفون أنهم كاذبون أفاقون مخادعون؟

ادعوا ذلك حتى يثيروا الغرب وأمريكا على الشعب المصري، ادعوا ذلك لسلب الشرعية من الشعب وتسليمها للأمريكان، ادعوا ذلك أملًا منهم في العودة لحكم شعب يكرههم ويمقت أيامهم وأفعالهم وأشخاصهم الكئيبة الفظة الغليظة، لا يهمهم أن يقبلهم الشعب، ولكن الذي يهمهم هو أن يقبلهم ساداتهم، ولأنهم يعرفون أن الشعب لن يثق فيهم مرة أخرى فإنهم يبحثون عمن يفرضهم على الشعب.

والآن يزعمون أن كتلة يونيو الصلبة قد تفككت في السنوات الأخيرة، ولكنهم لا يعرفون أن كتلة يونيو لا يمكن أن تتفكك لأنها الشعب، الذي صنع يونيو هو الشعب، والذي سهر على حمايته هو الجيش، والذي سانده وآزره هو الشرطة.

هذه هي كتلة يونيو الصلبة..

فهل أحد يستطيع أن يزعم أن الشعب والجيش والشرطة قد تفككوا وأصبح كل واحد منهم في مسار يختلف عن مسار الآخرين؟!.

نعم هناك طائفة من المثقفين أصبحوا الآن يسيرون في اتجاهات أخرى، ولكن هؤلاء هم أنفسهم الذين خدعهم الإخوان فوقفوا معهم وبايعوا محمد مرسي في فندق الفيرمونت، هؤلاء هم أنفسهم الذين كانوا يتحالفون مع الإخوان فيدخلون البرلمان بصفقة معهم، هؤلاء هم أنفسهم الذين كانوا يذهبون لمقر مكتب الإرشاد فيصلون خلف مرشدهم، هؤلاء هم أنفسهم الذين وقفوا مع ثورة يونيو ثم انتظروا المكافأة بالتعيين في أي مناصب عليا أو سفلى ولكنهم لم يحصلوا على الوظيفة التي كانوا يتمنونها، هؤلاء هم من ابتعدوا عن كتلة يونيو الصلبة، هم لم يكونوا معها إلا طمعًا في نتائجها، والآن هم مع من يدفع أكثر، فهل يمكن أن نعتبر هروبهم من كتلتنا الصلبة تفكيكًا لها؟!

أنا أراه تأكيدًا لصلابة كتلة يونيو، وأرى أنها تخلصت ممن كانوا يسعون إلى ركوبها، وثورة يونيو حرة لا يمكن أن يركبها أحد، واذهبوا أنتم وابحثوا عن خيبتكم الثقيلة عندما سمحتم للإخوان بركوب ثورة يناير، أما يونيو البعيدة عن هؤلاء فقد كانت ثورة شعب..

وشعب مصر كان هو شعب الثورة.

 

المصدر:

مقال «ثورة شعب وشعب الثورة» المنشور بموقع الدستور

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى