
الحياة الزوجية تقوم على المشاركة بين الزوجين ولا سبيل لذلك إلا عن طريق الشورى حيث أنها تشيع روح المحبة والمودة والتفاهم وتبعث الثقة والطمأنينة في نفسيهما.
الشورى تُشعر كل طرف أن الطرف الآخر يحترم فكره ويقدّره، لاسيما أنَّه مبدأ إسلامي أصيل هدفه الوصول إلى الرضا النفسي وترسيخ مفهوم الشورى عند الأبناء.
الحوار والتشاور بين الزوجين مدخل للتفاهم وتجديد الحب والعون على تخطى المشكلات، واستمرار الحياة الزوجية، أما غيابه فهو المدخل للتخاصم والشِقاق وضياع الحب والتفاهم.
إدارة شئون الأسرة قائمة على التشاور بينهما، ويجب نبذ عنصر التسلط أو الندّية بين الزوجين؛ وتعتبر النديَّة بينهما هي أول معاول هدم الأسرة.
الشورى في الخطاب الإلهي
مبدأ المشاورة في الحياة الأسرية جاء في القرآن نصًّا، فقال الله تعالى:
«وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (البقرة: 233).
التشاور مطلوب شرعًا، ولذلك أمر الله سبحانه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه في الأمر، فقال تعالى : «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (آل عمران: 159).
وقال سبحانه: «وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ» (الشورى: 38).
وكما هو مطلوب من المسلمين عمومًا فهو مطلوب بين الزوجين بوجهٍ خاص، لما يحققه من السعادة الزوجية والاستقرار الأسري، لا سيما في الأمور الهامة.
غياب التشاور يُحدث الخلافات
غياب التشاور يؤدي إلى كثرة الخلافات والصدامات وفقدان الثقة بين الطرفين وعدم الإحساس بالأمان، فالأصل في الحياة الزوجية التحاور والتشاور والتشارك، لطفًا ولينًا ومودة ورحمة.
في حالة استبداد أحد الزوجين برأيه ولم يكن على قناعة بمبدأ التشاور، يحدث انفصالية في التفكير بينهما ومن ثم التباعد بينهما وعدم التجانس.
غياب التشاور يؤدي أيضًا إلى عدم الوصول إلى حلٍ مُرضٍ للطرفين في كثير من القضايا وعدم إحساس كل طرف باهتمامات الطرف الآخر.