تعرَّف على المصادر الرئيسية للفتاوى التكفيرية
التيار القطبي يُحَرِض على قتال الحكومات وسفك دماء الأبرياء

محمد قطب.. واحد من أكثر المُنظّرين الفكريين إفسادًا لصورة الإسلام السمحة في العصر الحديث، بعد أن أسس لنفسه خطابًا دينيًا بعيدًا عن سماحة الإسلام ووسطيته، وقام بتصدير هذا الفكر المنحرف لتلاميذه حتى أصبح أمير التكفيريين ليس في مصر وحدها بل في العالم الإسلامي كله.
وتأتي شهرة قطب في أنه قام بتأصيل وشرح فكر شقيقه الأكبر سيد قطب، الذي يعد المصدر الرئيسي لكل فتاوى تكفير المجتمعات، والتي تحولت إلى منهج يتيح لأنصار الجماعات المتطرفة قتال الحكومات وسفك دماء الأبرياء، وهو ما اشتهر في وسط الجماعات الإرهابية بالمدرسة القطبية أو فكر القطبيين، الذي أسسه محمد وشقيقه سيد قطب.
ويُمثل محمد قطب، أحد أهم حلقات تأسيس ونشر المنهج المنحرف، الذي أصَّل للفكر التكفيري، وشوَّه الخطاب الديني، من خلال ما كتبه، وما بها من أفكار منحرفة وصف خلالها المجتمعات المسلمة بالجاهلية، والتي مثَّلت إلى جانب أفكار شقيقه مرجعية فكرية للتيارات المنحرفة نحو تصورها لواقع المجتمعات المسلمة.
أما مؤلفاته فهي تُبين مدى خطورة أفكاره التي عمل على تأصيلها حتى صارت منهجا لكثير ممن ينتمون إلى ذلك المعترك الفكري المنحرف، فنتج عن ذلك آثار سلبية أثرت على المجتمع بشكلٍ كبير.
مثَّلت كتابات محمد قطب الزاد الفكري لمن جاء بعده من التيارات المنحرفة، التي قدَّمت نفسها في صورة حامل اللواء الإصلاحي للأمة، إذ إنَّها تمثل الطريق المفتوح أمامهم لتبني مصطلحات التكفير وتطبيقاته المنحرفة، ما يترتب على ذلك من إضفاء الشرعية على أفعالهم، من وجهة نظرهم، وذلك لأن كتبه مليئة بكلمات تدغدغ المشاعر مثل «المجتمع الجاهلي وأهل الشرك والضلال.. وغيرها».
أفكاره أسَّست فكرة حتمية الصدام بين الطائفة المؤمنة والمجتمع الجاهلي لتحقيق النصرة، وذلك من خلال وضع الخطط التي تنظم هذا الصدام وامتلاك الأدوات التي تمكنهم من ذلك، مثل إنشاء المعسكرات المنعزلة التي يتم فيها تدريب الأفراد على العمل الصدامي المسلح، ومحاولة إضعاف نظام مؤسسات الدولة، من خلال القيام بعمليات مسلحة، متفرقة ومتنوعة، تمكنهم من السيطرة على مقاليد الأمور في المجتمعات المسلمة.
حافظ على كتابات أخيه الأكبر سيد قطب، وأضاف عليها وأعاد طباعتها، مع شرحها وتفصيلها وإنتاجها من جديد، حيث دائمًا ما كان يُدافع عن «سيد» بأنَّه لم يقع في عقيدته شيء من الزيغ أو الدخن، وبذلك لعب دورًا كبيرًا في تطبيق أفكار أخيه على أرض الواقع، وأخد يُردِّد مقولات شقيقه التي تشكك في إسلام كل المجتمعات الإسلامية، وألف كتابًا بعنوان «هل نحن مسلمون؟».
هاجم في كتابه «واقعنا المعاصر» المسلمين ونعتهم بصفاتٍ كثيرة تُخرجهم عن الإسلام فقال: «العالم الإسلامي اليوم يمر بأسوأ مراحله، يمكن أن نطلق عليها مرحلة (التيه)؛ انحرف المسلمون انحرافًا شديدًا عن حقيقة الإسلام، ويحاصرهم الغزو الفكري، الذي يحيكه أعداء الأمة من كل مكان، ولكن اليوم يدور الزمان دورته، ويبزغ فجر جديد للإسلام مع تباشير الصحوة الإسلامية، يحمله الشباب المؤمن الذي يتطلع إلى اليوم الذي يجد فيه الإسلام مطبقا بالفعل، اليوم الذي يعود فيه المسلمون إلى الاستخلاف والتمكين في الأرض».
ويرى الخبراء والمفكرين أن كتابه «هل نحن مسلمون» الذي ألفه محمد قطب سنة 1980 هو الأخطر في تاريخ تكفير الأمم والشعوب والأنظمة الحاكمة، بعد أن اعترف صراحة أنه لا توجد أمة مسلمة على وجه الأرض، وأن كل الأمم الموجودة كافرة ما لم تقاتل من أجل أسقاط الحكام العرب «الطواغيط» كما أطلق عليهم، وإحياء الخلافة الإسلامية.
اعتقل محمد قطب مرتين؛ الأولى: بعد حادث المنشية ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في الإسكندرية عام 1954، وخرج بعد مدة قصيرة، بينما حكم على أخيه سيد قطب بالسجن 15 عامًا، أتم خلالها كتابه «في ظلال القرآن»، وعاد محمد قطب مرة أخرى إلى السجن عام 1965 وظل فيه 6 أعوام وأفرج عنه الرئيس الراحل أنور السادات عام 1971، بعدها تولى قيادة التيار القطبي المنسوب إليه وإلى شقيقه.