مفاتيح السعادة الزوجية في الخطاب الإلهي
القرآن الكريم شرَّع ضوابط لحماية الأسرة من الانهيار

الحياة الزوجية مشروع مقدس في الخطاب الإلهي بالقرآن الكريم، باعتبارها حجر الأساس في بناء الأسرة والمجتمع.
وقد حرص الخطاب الإلهي على حفظ هذه العلاقة واستمراها من أجل إعمار الأرض، فوصفها بالميثاق الغليظ فقال تعالى: «وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا» (النساء: 21).
وأوصى الإسلام الزوجين بمجموعة من الوصايا من أجل حفظ المودة بين الأسرة، من بينها الصبر والاحترام المتبادل بينهما وحفظ الأسرار والرحمة والصدق وعدم البُخل.
حيث قال تعالى: «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21).
صفات تُقوِّي علاقة الزوجين وتحفظهما من الطلاق
يقول الدكتور أمين عبدالفتاح عامر، في كتابه «مفاتيح الحياة الزوجية» الصادر عن دار النخبة للنشر، عدة نصائح لاستمرار الحياة الزوجية وحفظها من الطلاق.
ويضيف «عامر» إلقاء السلام، كان أول النصائح التي ذكرها، لأنَّه مَدعاة لنمو الحب والود وزيادته في قلب الزوجين.
كما جاء الصبر في المرتبة الثانية في حالة فقر الزوج أو ظروفه المادية غير متيسّرة بالصورة التي كانت تحلم بها الزوجة قبل الزواج.
لم يقتصر الصبر على الفقر فقط، بل رأى أنَّه ضروري إنْ وَجدت الزوجة بزوجها خُلقًا تكرهه أو وجدت في شكله شيئًا لا تحبه.
وتطرَّق إلى الغِيرة الزائدة، إذ إنَّها تُعَد مفتاح الطلاق، واعتدالها يُولِّد المحبة والأُلفة حتى لا ينتهي الأمر بالفشل، كذلك فإنَّ كثرة العِتاب يُورِث البغضاء.
وأكد أنَّ الحب الكاذب المُتمثل في حب اللذة القوية والشهوة والرغبة الجنسية العارِمة، سُرعان ما يزول تاركًا وراءه أسوأ النتائج وأشنع المآسي.
وأوضح أنَّ أجمل شيء هو الحب الدائم القائم على هدف سامي نبيل، يهدف إلى إرضاء الله وتجنُّب المعاصي وبناء أسرة مسلمة طيبة.
وذكر أنَّ هذا الحب الحقيقي ينمو بين الزوجين على مدار الأيام، وتُدعّمه وتُغذيه العِشرة الطيبة والاحترام المتبادل.
الله جعل الزواج سَكَن وخَلْق المودة بين الرجل والمرأة
ويستطرد الدكتور أمين عبدالفتاح عامر قائلًا: الشورى في جميع الأمور مهما كانت صغيرة، لم تكن بعيدة عن نصائح الكتاب، لاسيما حِفْظ الأسرار في كل صغيرة وكبيرة في الحياة.
ولم ينسَ «عامر» الاقتصاد في النّفقة وعدم التبذير أو إهدار المال بأي صورة من الصور، مثل الإسراف في الأشياء دون الحاجة إلا لجزء منها أو بعضها.
الوسطية مطلوبة في كل شيء، حيث ضرورة مراعاة حُسن التدبير وحُسن التقدير للأمور دون أدنى إسراف أو تبذير أو تقطير.
وحذَّر من العناد، حيث لن يُقابَل إلا بالمزيد منه ومن ثَمَّ ينفُث الشيطان بين الزوجين، ما يؤدي إلى ما لا يُحمَد عُقباه.
وأكد أهمية حُسن الظن بينهما والصدق في كل شيء، لأنه يهدي إلى الجنة ويؤدي إلى النجاة وتجنُّب أي مخاطر مستقبلية، فيجب الحرص عليه والتمسك به.
وأشار إلى أنَّ البُخل من الآفات التي تُسبب الكثير من المشاكل الزوجية، وهو مذموم عند الله والناس.
في ذلك قال الله تعالى «وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا» (الإسراء: 29).
كما أن الاحترام من الضروريات التي تُحافظ على علاقة الزوجين، فرأى أنَّها ضرورية لنجاحها، مشددًا على أنه لا يجب أنْ يكون من طرف واحد فقط بل من الطرفين وإلا حدث الخلل.