مكانة الأم في الخطاب الإلهي
القرآن جعل بِر الوالدين تاليًا لأمر التوحيد.. وقرَنَ شُكره بشكرهما

يحتفل العالم سنوياً بمناسبة «عيد الأم» في 21 مارس من كل عام، إكرامًا وإحسانًا لدورها الكبير في بناء الأسرة والمجتمع.
إلا أنَّ الجماعات المُتطرفة حرَّمت الإحتفال بهذا اليوم، ومنَعت أيّ تكريم للأم بحُجة أنَّه حرام شَرْعاً، وأنَّه يخالف صحيح الدين.
الغريب أنَّ زعماء هذه الجماعات المُتطرِفة خالفوا القرآن الكريم الذي أمرنا بالإحسان إلى الأمهات، فقال تعالى «وقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا» (الإسراء:23).
الأم أساس الأسرة الصالحة
أصدرت(دار الإفتاء المصرية) بياناً أكَّدت فيه أنَّ القرآن الكريم أَمَر بتكريم الوالدين وبِرهما والإحسانِ إليهما، وقَرَن الله شكره بشكر الإنسان لهما، فقال تعالى «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ» (لقمان: 14).
كما أنَّ الإسلام أمرنا بالأدب مع الأم، حيث لَم يُعارض التشريع تخصيصَ يوم نُعبِّر فيه للأم عن مشاعرنا نحوها إقرارًا بحقها وإعترافًا بجميلها.
وأوضح البيان أنَّ الأم هي موضِع الحنان والرحمة ويستمر بها معنى الحياة ومن خلالها تتكون الأسرة الصالحة، وهو أدعى لتكريمها.
كما أنَّ الإسلام أمَرَ ببِرِ الوالدين، وجعل الأمْر ببِرِهما تاليًا للأمْر بتوحيد الله وعبادته، ومَنَح الأم منزلة عُظمى ورعاية كُبرى، وجعل بِرَها منْ أعظم الواجبات؛ لما تتكبَّدُه من عَنَاءِ الحَمْل والولادة ونحوهما مما تختص به.
عيد الأم مناسبة للتعبير عن مكانتها
وأوضح بيان (الأزهر الشريف) أنَّ الإحتفاء بالوالدين لاسيما الأم على الدوام هو واجب شَرعي على كل إنسان، ولا حَرَج ولا إثْم من إتخاذ يوم لتكريمها دافعًا لدوام بِرها في بقية الأيام.
وأضاف إنَّه ليس في الشَرْع ما يمنع من أنْ تكون هناك مناسبة لذلك، يعبر فيها الأبناء عن بِرهم بأمهاتهم.
مشيراً إلى أنَّ البِدعَة المَردودة إنَّما هي ما أُُحدِث على خِلاف الشَرْع، أما ما شَهِدَ الشَرْع لأصله فإنَّه لا يكون مَردودًا، ولا إثْم على فاعله.
وأكَّد أنَّ الإحتفال بيوم الأم من قَبِيل الإحتفالات الإجتماعية التي تُعبِر عن إحترام الأبناء لهنَّ، وتقديرهم لدورهنَّ ومكانتهنَّ في المجتمع.
ويرى أنَّه لا يُقصَد بها التّعبُد، ولا يُعتَقَد فيها خُصوصية دينية، وهي على هذا النحو جائزةٌ شَرْعًا، ولا تدخل تحت مُسمى البِدعة.
القرآن الكريم جعل برَ الوالدين ضرورة
وفي نفس السياق يقول المُفكر العربي،( علي محمد الشرفاء الحمادي)، أهمية بِر الوالدين في كِتابه «رسالة الإسلام.. رحمة وعدْل وحُرية وسلام» الصادر عن مؤسسة «رسالة السلام للتنوير والأبحاث».
وأشار إلى قول الله تعالى «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (الأحقاف: 15).
وقال تعالى «وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا» (الإسراء: 24).
وقال أيضاً: «وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا» (الإسراء: 28).
مُشيراً إلى أنَّ الله أمرنا ببِر الوالدين حتى في أشدِّ الحالات، فأمرنا بعَدَم طاعتهما في معصية الله بشرط بِرهما وعدَم الإساءة لهما.
يقول الله سبحانه وتعالى: «وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (لقمان: 15).
وقال تعالى: «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» (الإسراء: 23).