- منظمات دولية محتلة! - 15 نوفمبر، 2023
- الموت اللذيذ! - 11 يونيو، 2019
- اعترافات «تاجر دين» - 14 مايو، 2019
في خضم الحملة البربرية التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة والضفة لا يجب أن نستهين بالدور الذي قامت به منظمة اليونسكو في تأكيد فلسطينية المدينة المقدسة، أولى القبلتين وثالث الحرمين، حين نصت في وثيقة دولية على أنّ «كل نشاط تقوم به إسرائيل، القوة المحتلة لفرض قوانينها وسلطتها في القدس يعد غير قانوني وغير ساري المفعول».
الجملة السابقة صدرت عن إيرينا بوكوفا البلغارية التي ترأست اليونسكو من 2099 إلى 2017. وربما يفسر مثل هذا الموقف الشريف كيف أن بعض الدول الكبرى لم تتردد في الانسحاب من اليونسكو مثلما فعلت الولايات المتحدة التي خرجت من المنظمة عام 1984 قبل أن تعود في 2003، وبريطانيا التي انسحبت في عام 1984 وعادت فى 1997.. وقد كان الغضب سببه خروج اليونسكو عن الطوق وتبنّى مديرها مختار أمبو، السنغالي الجنسية، سياسة المدافعة عن التنوع الحضاري وفتح أفق النقاش الحر حول حقوق الإنسان ونزع السلاح ووقف برامج التسلح النووي.
ويلاحظ بالنسبة للوظائف الدولية كمنصب السكرتير العام للأمم المتحدة أن الدول الاستعمارية الغربية الكبرى لا تدفع بأحد أبنائها إلى شغله، هذا على الرغم من النفوذ الطاغي لهذه الدول بالمنظمة وقيام الولايات المتحدة بامتطائها وتسخيرها للعمل على خدمة أهدافها.
لقد تركوا المنصب يذهب ليوثانت (بورما) وبيريز ديكويار (بيرو) وكوفي عنان (غانا) وبطرس غالي (مصر) وبان كي مون (كوريا الجنوبية) وجوتيريش (البرتغال).
لماذا ومعظم هذه البلاد تنتمي للعالم الثالث وتأثيرها محدود في السياسة الدولية والاقتصاد أيضاً؟ ولماذا الأمر نفسه ينطبق على منظمات الأمم المتحدة الأخرى كمنظمة الفاو ومنظمة الطيران المدني الدولية ومنظمة اليونسكو ومنظمة اليونيسيف؟
أعتقد أن لهذه المنظمات دورًا معلنًا ومكتوبًا في ميثاق الأمم المتحدة يسعى لدعم السلام والحرية والعدل لكل دول العالم، وهناك دور خفي غير مكتوب يتمثل في تكريس هيمنة الدول الكبرى على العالم.
هنا يظهر واضحًا للعيان أن ما يهم دول الغرب ليس أن يشغل الكرسي أحد أبنائها، وإنما أن يكون شاغل الكرسي واعيًا لحدود دوره وألا ينسى نفسه ويصدق أنه مدير بحق وحقيق، ولعل الحيرة التي يعانيها الأمين العام الحالي تجد تفسيرًا بعد أن زار غزة ورأى بنفسه الفظائع والأهوال التي تتعرض لها، ثم أدرك أنه لا يملك سوى المناشدة والشجب والإدانة اللفظية، وحتى هذه أغضبت القوى الكبرى وجعلت الإسرائيليين يهددونه ويطلقون في وجهه الإهانات!.
ولعل الشراسة والغل والوحشية التي تبديها الدول الصناعية السبع في مواجهة الفلسطينيين تعود إلى الخشية من أن يتشكل نظام عالمي جديد نتيجة للحرب في غزة، وكذلك للحرب في أوكرانيا وهو الأمر الذي يسحب النفوذ الغربي من المنظمات الدولية ويجعلها تتطابق في أداء مهامها مع المنصوص عليه في ميثاق إنشائها، أي أن تكون منصات للعدل والحق والحرية والمساواة، وعندها لا بأس أن يتولى أمرها أمريكي أو بريطاني أو فرنسي بشرط أن يعمل طبقًا لنظام جديد أكثر مصداقية وعدالة وهو ما تخشاه وترتعب منه أمريكا وحلفاؤها!.