الأسرة والمجتمع

موقف القرآن من أحكام الأسرة

كتاب الله يتضمن ضوابط تنظيم العلاقات بين أفراد الأسر المسلمة

المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي
Latest posts by المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي (see all)

نظرًا لأهمية الدور الذي تلعبة الأسرة في بناء المجتمعات والأوطان، فقد حرص رب العزة سبحانه وتعالى على أن يضع بالكثير من التفصيل في القرآن الكريم الأحكام التي تتعلق بالأسرة المسلمة وتنظيم العلاقات بين أفرادها، سواء الأزواج أو الآباء والأبناء أو حتى فيما بين أفراد العائلات أنفسهم من الأعمام والأخوال وأبنائهم، وهو ما لم يفعله رب العزة مع العبادات بل جاء بها موجزة في القرآن الكريم ووضع القواعد العامة المنظمة لها وترك الكثير من التفاصيل للرسول عليه الصلاة والسلام ليوضحها لنا من خلال أفعالها وتصرفاته وأقواله، وخير دليل على ذلك الصلاة والتي لم يرد في القرآن مثلًا عدد ركعات كل صلاة ولا موعدها.

فنحن سنجد على سبيل المثال وليس الحصر في القرآن الكريم الآيات التي تتحدث عن تكوين الأسرة من خلال عقد الزواج بين الأب والأم، وعن التفريق بين الأزواج بطريقين لا ثالث لهما وهما الموت أو الطلاق، فضلًا عن انتشار أحكام تنظيم حياة الأسرة المسلمة والتي لم تقتصر فقط على العلاقة الزوجية بل امتدت لتربية الأبناء وعلاقتهم بآبائهم وأمهاتهم وأيضًا المواريث ونصيب كل وارث حسب درجة قرابته وجنسه (الذكر والأنثى) وقدراته العقلية (البالغ والعاقل والسفيه والمجنون)، وما بينته السنة النبوية في هذا المجال لا يعد كثيرًا مقارنة بما تضمنته آيات الذكر الحكيم.

وقد يتساءل البعض هنا عن السر وراء اهتمام الله سبحانه وتعالى بذلك الأمر وعدم ترك توضيح أحكام الأسرة بين يدي الرسول الكريم ليشرحها للناس قولًا وعملًا كما حدث في مواطن أخرى، ورغم أن الله عز وجل لا يُسأل عما يفعل ولله الكثير من الحكم التي نجهلها ولا نعلم الغرض منها بل وليس من حقنا أن نتجادل فيها، إلا أنه يمكننا أن نشير إلى أن أحد أهم تلك الأسباب هو أن رب العزة يعلم علم اليقين من أن الأسرة هي نواة المجتمع فلو صلحت فعلًا لأنتجت مجتمعًا صالحًا ولو تفككت الأسر لعشنا واقعًا مثل الذي نحياه الآن، من فساد وضياع وتشرذم في غالبية إن لم يكن في كل نواحي حياتنا، ولذلك فإن الله جل جلاله، أراد أن يرشدنا إلى أهمية الأسرة، فأوضح لنا أحكامها ونظم لنا سبحانه وتعالى طبيعة العلاقة بين أفرادها حتى لا يترك لنا مجالًا للاجتهاد فتضيع الأجيال الجديدة باجتهاد عقيم للأجيال الأقدم منها، ومن خلفها بالطبع تنهار المجتمعات والأوطان.

ونورد في هذا المقال على سبيل المثال بعضًا من أحكام الأسرة في القرآن الكريم وسنتناول في مقالات أخرى قادمة تلك الأحكام بالكثير من التفصيل.

 

الخطبة والزواج

{وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلا مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.. [البقرة: 235].

{وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}.. [النساء: 4]

{وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا، وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}.. [النساء: 20، 21].

 

الآباء والأبناء

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.. [الأحقاف: 15]

{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.. [البقرة: 233].

{وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}.. [النساء: 2]

{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}.. [الإسراء: 23].

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى