
- الزكاة إصلاح للنفس وتطهير للمال (1-2) - 8 يناير، 2019
- كتاب يُنصف الدين الإسلامي (1-2) - 3 يناير، 2019
- بارقة أمل في عصر الظلمة (1-2) - 2 يناير، 2019
بقلم المستشار
صالح شرف الدين
بعد قراءة متأنية لكتاب قيم اطلعت عليه حديثا بعنوان: (المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي) للكاتب والباحث محمد علي شرفاء الحمادي، وجدتني أتذكر موقفًا للشيخ محمد الغزالي ــ رحمه الله ــ في أوائل تسعينيات القرن المنصرم بجنوب أفريقيا، أعادت أكثر من سبعين ألف مسلم إلى حظيرة الإسلام عندما واجهوه ببعض الأحاديث التي جاءت في كتب الصحيح والتي تتعارض مع العلم، قال لهم:
إن آيات القرآن الكريم لا يمكن أن تتعارض مع ظاهر العلم، فكيف يتعارض كلامٌ من الخالق مع ما خلق، لو وجدتم أيتعارض بين العلم وروايات رويت عن النبي فتأكدوا أن رسولكم لم يقل هذا الكلام، لأن من أوحى القرآن هو من قال عن نبيه: لا ينطق عن الهوى…
لقد استخدم الشيخ محمد الغزالي عقله، فأقنع وأفاد وحسم خلافًا، وبينهما كثير من العلماء المخلصين الذين لم يتعصبوا، ولم يخشوا في الله لومة لائم، فجهروا بكلمة الحق، وأكدوا أن البعد عن كتاب الله فيه ضياعنا، وهو سر تخلفنا وتعاركنا، وكل ما يصيبنا من بلاء، ولعل مقولة الإمام محمد عبده أكثر إيلامًا (وجدتُ في أوروبا إسلام بلا مسلمين ووجدتُ في بلدي مسلمين بلا إسلام)!
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا: (المسلمون بين الخطاب الإلهي والخطاب الديني) يؤكد حقيقة وجوب التركيز على النص القرآني فهمًا، وتنفيذًا لكل الأوامر التي وردت به، والانتهاء عن كل ما نهى عنه رب العزة في كتابه العزيز القرآن الكريم، وأن يكون المرجع الوحيد للتشريعات، التي ينصلح بها حال العباد والبلاد.
-المنجز قيم يقع في حوالي ثلاثمائة صفحة، على الغلاف الأمامي صورة في الأعلى لكتاب يخرج منه النور وحوله نور يشبه نور الشمس المشرقة، وفي الأسفل ما يشبه الجحيم يحيط به السواد، وعلى الغلاف الخلفي صورة للكاتب، وخمسة وعشرون سطرًا توجز الهدف السامي للكتاب، ثم محتويات الكتاب، وآيات من القرآن الكريم، ورسم فيه مقارنة بين الخطابين الديني والإلهي بإيجاز.
-ثم تقديم من د حسن حماد أستاذ الفلسفة والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة الزقازيق، وقد أثنى حماد على الدراسة ووصفها بالشجاعة، وأنها تفتح الباب لدراسات جديدة تلقي أضواء أكثر على أهمية أن يكون النص المقدس الوحيد القرآن الكريم هو المرجع الوحيد لنا ونحن نشرع ونستنبط، ونؤسس لفقه يأخذ من المنبع مباشرة، ولا يعتمد على وجهات نظر تحدث ما نراه من مصائب في أغلب بلاد المسلمين…
-إهداء طويل لرئيس مصر، يوجز فيه الكاتب بحثه، ويثني فيها على ما نادى به الرئيس من وجوب تجديد للخطاب الديني، ثم مقدمة يركز فيها على كون البحث دعوة لكل مسلم عاقل، ليعمل ما وهبه الله إياه من عقل، في الفهم والعمل بمقتضى الفهم، دعوة لكل المثقفين والعلماء في كل مكان للبحث عن حلول تخرجنا من حالة القتال بين المسلمين وحالة التشرذم، وعدم تجمعهم على صعيد واحد من أكثر من أربعة عشر قرنًا، مما أدى إلى تخلف حضاري وإنساني لا يمكن لمخلص أن يسكت عليه، يطالب الجميع بالارتقاء فوق كل أنواع التعصب والتحزب، للبحث وإيجاد مفهوم واحد يتجمع حوله الجميع ومن مصدر واحد هو القرآن الكريم، ويضع أيدينا على سببين من أهم أسباب الفتن الظاهرة والباطنة، والتي لا يمكن القضاء عليها إلا بالعودة إلى القرآن الكريم، السبب الأول ما فعله ويفعله اليهود لنشر الإسرائيليات، وقد نجحوا في ذلك إلى حد كبير، والسبب الثاني ما فعله ويفعله المجوس، وقد نجحوا إلى حد كبير في إيجاد إسلام مواز، ويستشهد بعقيدتهم في تأليه الإمام الحسين وإسنادهم له كثير من الصفات المقصورة على الله، وأن زيارة قبره تدخل الجنة بلا حساب، وملايين من الأتباع تصدق ذلك…
– ثم يبين في عشرات الصفحات استغرقتها المقدمة التي تعد جزءًا أساسيًّا من أسس البحث – يبين كيف يكشف الخطاب الإلهي زيف الخطابات الدينية التي مزقت المسلمين إلى عشرات الفرق يكفر بعضها بعضًا، ويهدر بعضها دماء بعض، وترتكب من الفظائع ما يشيب لهولها الولدان، والتي ما أنزل الله بها من سلطان، ويبين أننا أمام خيارين: النجاة بالعودة لكتاب الله، وجعله أساس تشريعاتنا، وأساس لكل حركة من حركاتنا في الحياة، وبذلك نحمي أنفسنا من كل الخلافات، أو البقاء على حالة التفرق والتنازع والتناحر، وما تؤدي إليه من نهب لثرواتنا، وضياع لأوطاننا، وإزهاق للأرواح البريئة…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ناقد وباحث، عضو اتحاد كتاب مصر