آية تنبأت بهجر القرآن بعد وفاة الرسول
أعداد غفيرةٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ قُتلوا ونَخرَ التفّرقُ والتشرذمُ عظامَ الأمّةِ

- القرآن بين التنزيل والتضليل - 6 يونيو، 2023
- الصفات الإلهية - 4 يونيو، 2023
- القرآن طريق المؤمنين - 31 مايو، 2023
لم يشهد التاريخُ الإسلاميُّ في زمنِ الرّسولِ الكريمِ صلى الله عليه وسلّم أيَّ قتالٍ بينَ المسلمين، ولكن مَا حَدَثَ بعدَ وفاتهِ، قد كان أمرًا آخر! فقدَ جاءَ في قولهِ تَعالى﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ (آل عمران، 441).
هذه الآيةُ فيها نَبَأٌ للمستقبل، ولَها دلالاتٌ تؤكّدُ أَنَّهُ بَعدَ وفاةِ الرَّسول صلى الله عليهِ وسلّمَ سينقلبُ المسلمونَ على أعقابِهم وسيهجرون كتاب الله وتعاليمه، وذلكَ ما حَدَثَ بالفعلِ وماتؤكّدهُ الأحداثُ الداميةُ والخلافاتُ السياسيةُ التـي حدثت في حينهِ، وأدناه سردٌ تاريخي مختصر عمّا حَدَثَ بين المسلمينَ من صِراعٍ على السلطةِ وحب للدنيا؛ أدّى إلى الاقتتال بَيْنَ صَحَابةِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم حين سَقَطَ مِنْهم في ساحاتِ القتالِ الكثيرونُ؛ الآلاف مضرجون بدمائهم تحتَ شعاراتٍ إسلاميةٍ مُختلفة، ومذاهب سياسية متعددة، عندَما انقلبَ المسلمونَ على كتابِ اللهِ بعدَ وفاةِ الرسولِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ولم يلتزِموا بشرعِ اللهِ وَما جَاءَ في كتابهِ الكريمِ مِنْ أحكامٍ تُنظّمُ العلاقةَ بينَ اللهِ وبينَ عبادهِ فيما يتعلقُ بالعقيدةِ والإيمانِ بهِ والأسس التي تحكم العلاقةَ فيما بين المسلمين أنفسهم وغيرهم من الديانات الأخرى، مبنيةً على الرحمة والعدلِ والإحسانِ والتسامحِ والسلامِ؛ لتحقيق الأمن والاستقرار واحترام حقوق الناس وعدم الظلم وعدم الاعتداء على الناس واتباع شرع الله، فيما نهى وأمر بالرحمة والعدل وتقوى الله، والتمسّك بكتابه الذي أمر المسلمين بالوحدة وعدم التفرّق بقوله تعالى:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذْ كُنْتُم أَعْدَاءً فَألَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُم فَأصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوانًا).
فهل التزم الصحابة بأمر الله لهم بالوحدة والتمسّك بما أمر الله؟ وما أنبأنا اللهُ عنه في كتابهِ الكريم؟ كلا، وما تؤكده الأحداثُ التّالية غير ذلك، كمايلي:
أولًا: الخِلافُ على السلطةِ في سَقيفةِ بني سَاعدة، بينَ المهاجرينَ والأنصارِ، فيمَنْ يتولّى السُلطةَ بعدَ رسولِ اللهِ صلّى الله عليهِ وسلّم، وكاد أن يتحول إلى اقتتال بين المهاجرين والأنصار.
ثانيًا: قِتالُ الـمسلمينَ بما سُميّ بحروبِ الردّةِ، وقَتلُ أعداد كبـيرةٍ منَ الصحابةِ، علمًا بأنَّ عقابَ المرتدّ حُكمهُ عندَ اللهِ وحدَه فَقط، كَما تُؤكّده الآيةُ الكريمةُ:
﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (المائدة، 45).
ثالثًا: اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب من أجل زعزعة استقرار السلطة الحاكمة في المدينة المنورة،وهز أركان الدعوة الإسلامية وإثارة البلبلة والفتن بين المسلمين؛ لصرفهم عن الاستمرار في نشر الرسالة الإسلامية.
رابعًا: اغتال مسلمون الخليفة عثمان بن عفان، حينما فشلوا في استغلال اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب قاموا بمحاولة أخرى لإشغال المسلمين بأنفسهم مرة أخرى باغتيال عثمان؛ لعلّهم ينجحون في خلق فتنة تؤدي إلى صراع واقتتال بين المسلمين.
خامسًا: ترتب على قتل عثمان أن نشبت معركة بين الخليفة علي بن أبي طالب وزوجة الرسول عائشة، المسماة معركة الجمل؛ للمطالبة بالقبض على قتلة عثمان ومحاكمتهم من الخليفة علي بن أبي طالب، فسقط العشرات من الصحابة في تلك المعركة مخالفين أمر الله في قرآنه بقوله (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَب رِيْحُكُم).