
«أركان الإسلام بين الاستسهال والاستغفال».. بهذا العنوان نشر الكاتب والمفكر الإماراتي، علي محمد الشرفاء الحمادي، بحثًا مطولًا عن الأكذوبة التي عشناها لسنوات طويلة نتحدث عما يطلق عليه الفقهاء «الأركان الخمسة للإسلام»، والتي اختزلت الدين في مجموعة محدودة من العبادات وتجاهلوا تمامًا المعاملات الإسلامية رغم أهميتها.
وأشار المفكر العربي، علي الشرفاء، في بحثه الرائع، المنشور ضمن كتابه المثير للجدل «المسلمون.. بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، الصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، إلى: «إنَّ أول ما يتبادر إلى الذهن ونحن بصدد هذا العنوان، الذي نوجّه به تحذيرًا في غاية الأهمية، من أن هجر القرآن والانصراف عنه، واتباع الروايات الملفّقة، هو الوقوف على ما راج وشاع وتناقله المسلمون منذ قرون على أنها مسلّمات لا بدّ من الإذعان لها من دون مراجعة أو تدبّر أو تحقّق..
فمن ذلك القول إن أركان الإسلام الرئيسية قد انحصرت فيما أسموها «الأركان الخمسة للإسلام»، حيث تربت عليها أجيال ونشأت على تعليم أركان الإسلام بأنها تنحصر فقط في «النطق بالشهادتين وتأدية الصلاة والزكاة والصوم والحج»، إذ اعتبروها إسلامًا في حد ذاتها، وليس في المبادئ التي تدعو إليها.
ولم يكلف العلماء- الذين روَّجوا وادعوا اختزال الإسلام فيما أسموه بالأركان الخمسة- أنفسهم مشقّة تبيان الأركان الحقيقية للإسلام الذي تضمنته آيات القرآن الحكيم.
إنَّ كل ما فعله دعاة الإسلام وشيوخه القدماء وقاموا به، أنّهم نقلوا إلينا مفاهيم وتأويلات فقهية واجتهادات بشرية حوّلت الوسائل التي هي الشعائر وجعلتها غايات.
فالتبس الأمر وغاب عن الناس أصل الدين ومقاصده العليا، تلك التي يدعو إليها القرآن، والتي تجسّد في حقيقتها الإسلام الذي جاء به النبي عليه الصلاة والسلام والأنبياء من قبله، بما شملته الرسالة من تقويم للفرد وبناء شخصية المسلم بمجموعة من الأخلاق والفضائل والقيم النبيلة لخلق مجتمعات مسالمة يتحقق فيها العدل والرحمة والحرية والتعاون فيما بين أفرادها، ويتمتعون بما منحهم الله سبحانه من نِعم مختلفة من زروع وثروات متعددة ليعيشوا في رغد من العيش وتوافر الرزق والحياة الكريمة، يعمها الأمن والرخاء والسلام فقد وعدهم الله سبحانه إذا اتبع المسلمون أوامره فقد وعدهم بقوله:
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنزا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون).. (فصلت: 30)
فلا عجب إذن ولا غرابة في أن نجد المسلمين اليوم يفتقدون كثيرًا من الأخلاق والقِيم والمبادئ الإنسانية، فنرى غالبية المسلمين ممَّنْ يصلّون ويصومون ويحجون، لكن سلوكهم ليس من الإسلام في شيء، ذلك لأنَّهم شبّوا على الاعتقاد الخاطئ بأنَّ الطقوس أو الممارسات التعبدية هي الغايات والأهداف، أما الأخلاق والمبادئ والقيم الإنسانية العليا فليست من الأركان أو من الأصول الإسلامية.