
وحدة الأمة من الأمور التي نادى بها القرآن الكريم في أكثر من موضع من القرآن الكريم، وجعلها في أعلى المراتب الدينية.
وقد جسد القرآن الكريم وحدة الأمة العربية، والاعتصام بحبل الله في أروع صورة، حيث قال الله تعالى «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا».
وهنا يصور الله سبحانه الوحدة ورباط الدين والأخوة والإنسانية بحبل الله الذي يدوم ولا ينقطع أبداً.
وفي موضع آخر يذم الله سبحانه وتعالى المنادين والداعمين للفرقة بين أبناء الأمة فيقول: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».
وأمر الله تعالى المسلمين بالجماعة ونهاهم عن الفرقة، فقال تعالى «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ».
القرآن يُجسد الوحدة
وحول وحدة المسلمين واعتصامهم يقول الكاتب والمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي، إن آيات القرآن الكريم تدعوا إلى ضرورة وحدة العرب في جميع أمورهم.
ويقول الكاتب والمفكر الكبير في كتابه «ومضات على الطريق» إنَّه لا بد من وضع ميثاق جديد تتحدد فيه العلاقات العربية بأسلوب واضح وملتزم، مع تحديد صريح لواجبات كل دولة.
وأضاف: يجب تحديد ما لها من حقوق، وما عليها من التزامات في وقت السلم وكذلك في وقت الاعتداء على إحداها من خارج المجموعة العربية.
وشدَّد على ضرورة وضع إطار لأسلوب التعامل فيما بين الدول العربية على أساس الاتصال المباشر والحوار المستمر لإنهاء أي خلاف، وأن تتم معالجته بالسرعة التي تجعل الأمر محصورًا بين القادة.
وأوضح أنَّ ذلك يمنع أي تداعيات تنعكس سلبًا على الشعوب، وتزيد من ابتعاد هذه الأمة عن أهدافها وتساعد أعداءها على استغلال أي نقطة ضعف فيها.
وأشار إلى ضرورة إعادة النظر في ميثاق الجامعة العربية، لتفعيلها وإعادة هيكلتها؛ بحيث تكون لديها القدرة على تحمل مسئوليات الألفية الجديدة، وما تتطلبه من مؤهلات وإمكانيات، وكذلك السياسات التي تستوعب هذه المتطلبات.
وحدة الأمة يعيد لها السيادة في الأرض
ولفت المفكر العربي الكبير على الشرفاء إلى أهمية خلق مناخ للتصالح مع أنفسنا، وإزالة التناقضات التي يعيشها المواطن العربي التي نتجت عَمَّا تطرحه الدول في الاجتماعات الرسمية، وأجهزة الإعلام المختلفة؛ بالحديث الدائم عن وحدة الأمة العربية، وأن مصيرها واحد، ومستقبلها واحد، واقتصادها يكمل كل منه الآخر.
وقال: يحدث ذلك رغم ما يراه المواطن في التطبيق العملي، والمعايشة اليومية تناقضًا خطيرًا في السلوك، والممارسات التي تتعامل بها الدول ويتضح ذلك من خلال سن التشريعات والقوانين واللوائح.
وأكد أن كل دولة تؤكد مفهوم الإقليمية البشعة، وتمارس التمييز العنصري؛ حتى مع العرب المقيمين في أي دولة عربية؛ وهو الأمر الذي يجعل ذلك السلوك يتناقض مع ما تعلنه تلك الدول وما نصت عليه دساتيرها من أنها جزء من الأمة العربية.
وأوضح أن ما يجمعنا -نحن العرب- هو وحدة المصير ووحدة اللسان، ووحدة الجغرافيا ووحدة المصلحة، لكن الواقع أن مضمون العروبة أمر يكاد يكون موجودًا في خيال الحالمين من بعض الزعماء العرب فحسب.