الخطاب الإلهى

هل أدى الرسول الأمانة؟

ما هو دورنا بعد أن أدى رسول الله مهمته وبلغ الرسالة؟

لا شك في أن الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، قد أدى الأمانة التي كلفه الله بها، وهي إبلاغ رسالة الإسلام لعباد الله من كل الأعمار والأجناس، بل وفي كل زمان ومكان، سواء الذين عاصروه في حياته، أو من دخلوا في الإسلام بعد وفاته، وبهذا تكون مهمة نبي الله محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد انتهت، ولكن ماذا بعد انتهاء المهمة المحمدية؟

هذا التساؤل، هو محور ما كتبه الباحث والمفكر العربي، علي محمد الشرفاء الحمادي، في كتابه المتميز «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، والصادر عن «دار النخبة للطبع والنشر والتوزيع»، والذي يجزم خلاله بأن الرسول الكريم قد أتم مهمته وبلّغ الرسالة وأدى الأمانة بما لا يقبل الشك أو التشكيك، ولكنه يؤكد كذلك أن المسلمين قد فشلوا في إنجاز مهمته، فانشغلوا بالصراعات المذهبية والطائفية، ونسوا وتناسوا التدبر في كتاب الله الكريم، رغم أن نبي الله محمدا، عليه الصلاة والسلام، قد أمرهم بذلك، في بلاغ صريح ومباشر من رب العزة، الذي أمر الناس بالالتزام بكتابه وأوامره والابتعاد عن نواهيه، وألّا يتبعون أهواءهم أو من يدّعون أنهم أوصياء عليهم.

ويستكمل المفكر الكبير علي الشرفاء، تناول القضية الخطيرة التي يطرحها بكل جرأة في كتابه «المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي»، فيقول: «لقد كلف الله رسولَه ـ عليهِ الصلاة والسلام ـ بحمل رسالة الإسلام للناس كافةً في كتاب كريم يهدي به الناس إلى طريق الخير والصلاح، وقد بلّغ الرسالة بكل الأمانة وتحمّل في سبيلها صنوفًا شتى من ألوان الإيذاء، والعنت والإشاعات، بإيمان لا يتزعزع، بأنَّ اللهَ سوف ينصره، وأصرَّ عَلَى أن يستمر في دعوته دون خوفٍ أو تردّدٍ، فيما كلّفه الله تعالى به، حتى أكمل الله عز  وجل دينه، وأتمّ على الأمة نعمتَه في حجة الوداع.

ويتضح ذلك في قوله تعالى:

(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) (المائدة: 3).

وبهذه الآية يبلّغ الناسَ باستكمال الرسالة، التي أنزلها الله على رسوله، لتكون هدايةً للناس ونورًا يخرجهم من الظلمات إلى النور، وهي خاتمة الرسالات أودعها اللهُ في القرآنِ الكريمِ، وما تضمّنه من تشريعات إلهية ودعوة الناس للإسلام، وما يدعو إليه من الإيمان بالله الواحد الأحد، والإيمان برسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والإيمان بكل الرسل والأنبياء من قبله، حيث وضع الله سبحانه في الخطاب الإلهي للناس، قيمَ العدالة والمساواة ونشر السلام وتعاون بني الإنسان، وتشريع إلهي ينظّم العلاقة بين الله وعباده وينظّم العلاقة بين الإنسان ومجتمعه، وبين الإنسان ووالديه، وتبين الحقوق الزوجية وحقوق الأيتام وضوابط تنظيم العلاقة بين الإنسان وسائر البشر في المعاملات كافة، وأن يستنبط الناس القوانين التي تنظم حياتهم من التشريع الإلهي المبني على الرحمة والعدل.

واحتفظ الله سبحانه بحقّه في حساب خلقه يوم الحساب كقوله تعالى:

(إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم﴾ (الغاشية: 25).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى